
رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ يوم الثلاثاء الماضي، لا تزال أغلب شركات الطيران الدولية والإقليمية متمسكة بقرارات تعليق رحلاتها الجوية من وإلى منطقة الشرق الأوسط، وهي قرارات اتخذت خلال فترة الحرب التي استمرت 12 يوماً. وبحسب رويترز، واصلت عشرات شركات الطيران، من أوروبا وآسيا والأميركيتين، تمديد قرارات التعليق حتى أواخر يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول، أو إبقاء رحلاتها مجمدة إلى أجل غير مسمى، رغم التوقف الفعلي للحرب. ويأتي ذلك نتيجة استمرار إغلاق بعض المسارات الجوية الحيوية، وغياب الضمانات الأمنية الكافية لتأمين الملاحة فوق دول الصراع، وهو ما يزيد من كلفة التأمين والمخاطرة التشغيلية.
وعلقت معظم شركات الطيران الأوروبية رحلاتها إلى تل أبيب حتى نهاية يوليو/ تموز، من بينها إير يوروبا، إيتا إيروايز، كيه إل إم، إيبيريا، بريتش إيروايز، رايان إير. كما ألغت شركات أخرى مثل فين إير الفنلندية ولوفتهانزا الألمانية رحلاتها إلى بيروت ودمشق وطهران، مع تأكيد تجنب التحليق فوق المجال الجوي لكل من إيران والعراق وسورية وإسرائيل حتى إشعار آخر. أما شركات الطيران الخليجية، فقد اتخذت مواقف حذرة مع فروق في المدى الزمني، حيث أعلنت طيران الإمارات والاتحاد للطيران تعليق رحلاتها إلى تل أبيب حتى 15 يوليو/تموز، وإلى إيران والعراق حتى 30 يونيو/حزيران.
في المقابل، أبدت فلاي دبي استعداداً لاستئناف رحلاتها تدريجياً، بدءاً من 26 يونيو/حزيران الجاري، على أن تعود إلى جدولها الطبيعي بداية من الأول من يوليو/تموز، ما يشير إلى محاولة توازن بين المخاوف الأمنية ومتطلبات التشغيل التجاري. وتبقى الخطوط القطرية بين الشركات الأكثر تحفظا، إذ أعلنت تعليق رحلاتها مؤقتاً إلى كل من إيران والعراق وسورية من دون تحديد موعد واضح للاستئناف.
ومن أبرز الشركات الآسيوية، أعلنت إير إنديا استئناف رحلاتها للشرق الأوسط وأوروبا اعتبارًا من 24 يونيو/حزيران، بينما ألغت الخطوط الجوية اليابانية رحلاتها إلى الدوحة حتى الثاني من يوليو/تموز. أما بيغاسوس التركية، فأعلنت تعليق رحلاتها إلى إيران حتى 7 يوليو/تموز، وإلى العراق والأردن ولبنان حتى 4 يوليو/تموز، مما يعكس استمرار المخاطر التشغيلية في نطاق واسع من المجال الجوي الإقليمي.
وتظهر تقديرات أولية أن هذه الاضطرابات قد تكبد قطاع الطيران الدولي خسائر تتجاوز مئات الملايين من الدولارات، نتيجة إلغاء الرحلات، وارتفاع تكلفة إعادة الجدولة، وتحويل المسارات الجوية بعيداً عن مناطق الصراع. ويشير مراقبون إلى أن استمرار إغلاق المجال الجوي أمام شركات الطيران التجارية، أو استمرار تجنب التحليق فوق أربع دول رئيسية، يعني تأثر خطوط النقل الجوي العالمية، خاصة المسارات بين أوروبا وآسيا، مما يؤدي إلى زيادة زمن الرحلات، واستهلاك الوقود، وتكاليف التشغيل.
وتدل المؤشرات الحالية على أن القلق التجاري لا يقل عن القلق الأمني؛ فحتى الشركات التي لم تعلق رحلاتها بالكامل، مثل دلتا ويونايتد الأميركيتين، واصلت إصدار تنبيهات بشأن احتمال التأخير أو التعديل في رحلاتها إلى تل أبيب ودبي حتى نهاية يوليو/تموز. كما أن توس إيروايز القبرصية وتاروم الرومانية قررتا استئناف الرحلات إلى إسرائيل، لكن بجدول محدود وتدريجي، ما يؤكد وجود انقسام بين الشركات في تقدير مستوى المخاطر المستمرة.
ورغم إعلان بعض شركات الطيران استئناف رحلاتها تدريجيًّا، فإن حالة الترقب لا تزال سائدة، في ظل غياب ضمانات أمنية طويلة الأجل، خاصة بعد تحذيرات صدرت عن مراكز تحليل غربية من احتمال تجدّد الهجمات الجوية، أو استمرار التوتر الحدودي بين إسرائيل وحلفاء طهران الإقليميين. ويُحتمل أن يؤدي أي خرق مستقبلي لوقف إطلاق النار إلى موجة جديدة من الإلغاء الفوري للرحلات، وهو ما يبقي شركات الطيران في وضع تأهب دائم، ويؤخر العودة إلى الجدولة التشغيلية الطبيعية في مطارات المنطقة.

Related News

