شكل الهجوم الأوكراني الذي استهدف طائرات استراتيجية روسية، في الاول من حزيران- يونيو ، منعطفاً في الحرب الاوكرانية ، لأن هذا الهجوم المنسق الذي شبهه البعض ب " بيرل هاربور أوروبية" أو بعملية " البيجر" الاستخبارية، كشف عن هشاشة روسية وعن فشل استخباري غير مسبوق من قوة كبرى.

في توقيت سياسي وعسكري غاية في الصعوبة بالنسبة لكييف، يذكر هذا الهجوم بالاختراق البري في مقاطعة " كورسك" خلال الصيف الماضي حيث اضطرت موسكو للاستعانة بقوات كورية شمالية لإكمال استعادتها. لكن الهجوم الأخير أخطر بكثير لانه طال قاعدة عسكرية في سيبيريا على بعد 4400 كلم من حدود أوكرانيا ، ولأن خسائره كانت باهظة ماديا ومعنويا.

في مواجهة التحدي الاوكراني وبعد اقل من اسبوع أتت بدايات الرد ليلة السادس من يونيو، مع ضربات كثيفة ضد العاصمة الاوكرانية وغربها ، علماً ان روسيا شنت في الأشهر الماضية ضربات مماثلة بضخامتها في كل أنحاء أوكرانيا . بيد ان الضربات الاوكرانية تتواصل ايضا، مع تفجيرات تسببت في انهيار جسرين نهاية الأسبوع الماضي، وتكرار استهداف القطارات الروسية في المناطق الحدودية.

في خضم هذا الجو المحموم ، أتت الجولة الثانية من محادثات إسطنبول بنتيجة محدودة اقتصرت على اتفاق لتبادل أسرى بين الجانبين، وكشف نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف ان موسكو تود ان تكون المفاوضات قبل كل شيء وسيلة من اجل تحقيق " نصر سريع" .

لهذا اراد فلوديمير زيلينسكي من وراء العملية التي وصفت بـ"النوعية وغير المسبوقة" تعديل ميزان القوى في وقت تحقق فيه موسكو تقدماً عسكريا في مناطق مثل سومي، وتعزز سيطرتها على مساحات واسعة تزيد على 113 ألف كيلومتر مربع داخل أوكرانيا.

من الدروس العسكرية لعملية "شبكة العنكبوت" كشف هشاشة الدفاعات الجوية التقليدية أمام تهديدات حديثة مثل المسيّرات منخفضة التكلفة.

والدرس الآخر هو أهمية التخطيط الذي استغرق قرابة 18 شهرًا. مع تهريب القوات الأوكرانية طائرات مسيرة صغيرة إلى الأراضي الروسية، مُخبأة في أسطح شاحنات . ويوم الهجوم، تمركزت هذه المركبات بالقرب من القواعد الجوية الروسية الاستراتيجية المستهدفة .

أضعف هذا الهجوم قدرة القوات الجوية من دون ان يكون له انعكاس كبير على مجريات الحرب. لأن الركن الجوي هو الأضعف من بين الأركان النووية الثلاثة لروسيا. لكن الهجوم سيلزم روسيا بإبعاد أصولها العسكريّة عن الحدود.

حتى تتضح مآلات هذه العملية، يزداد القلق والحذر في الأوساط الأوروبية من أي تصعيد كبير يمكن ان يؤدي لمخاطر غير محسوبة.