
في قرار مفاجئ يعكس تحولا في أولويات الطاقة البريطانية، أعلنت الحكومة البريطانية اليوم الخميس رفضها المضي قدما في مشروع "إكس لينكس" الطموح لنقل الطاقة الخضراء من المغرب، والذي كان سيصبح أكبر كابل بحري للطاقة في العالم، بتكلفة تقدر بـ25 مليار جنيه إسترليني (34.4 مليار دولار). وقال وزير الطاقة مايكل شانكس، في بيان مكتوب للبرلمان، بحسب "رويترز": "خلصت الحكومة إلى أنه ليست من المصلحة الوطنية للمملكة المتحدة في الوقت الحالي مواصلة دراسة دعم مشروع الطاقة المغربي البريطاني".
المشروع الذي كان من المخطط أن يمد بريطانيا بحلول عام 2030 بالكهرباء النظيفة المولدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الصحراء المغربية، كان سيوفر ما يكفي من الطاقة لسبعة ملايين منزل بريطاني، عبر مد خط بحري بطول 3,800 كيلومتر من المغرب إلى جنوب غرب إنكلترا. وكان من المتوقع أن يساهم المشروع بنسبة كبيرة في تقليص اعتماد بريطانيا على الغاز الطبيعي المستورد، خصوصا في ظل تقلبات أسواق الطاقة الأوروبية بعد حرب أوكرانيا. لكن رغم تصنيفه سابقاً مشروعاً ذا "أهمية وطنية" في عهد الحكومة المحافظة السابقة، واجه مشروع "إكس لينكس" سلسلة من التحديات التمويلية والتنظيمية، أبرزها عدم وضوح آلية التمويل الكامل للبنية التحتية الفائقة التعقيد، بالإضافة إلى المخاوف بشأن الاعتماد طويل الأجل على مصدر طاقة أجنبي يقع خارج أوروبا، في ظل تصاعد الديناميكيات الجيوسياسية بين شمال أفريقيا وأوروبا الغربية.
ويُتوقع أن يفتح القرار البريطاني بابا لإعادة تقييم المشاريع الطاقية الثنائية، وربما دفع المغرب لتوسيع شراكاته الطاقية مع شركاء بديلين، خصوصا في السوق الأوروبية. يذكر أن مشروع "إكس لينكس" كان جزءا من رؤية استراتيجية أوسع للمغرب لتعزيز مكانته مركزا إقليميا للطاقة النظيفة، مستفيدا من موقعه الجغرافي ومناخه الصحراوي الغني بالإشعاع الشمسي، فضلا عن استثماراته الواسعة في مزارع الرياح. ويهدد إلغاء المشروع بتقويض جزء من هذه الطموحات، أو على الأقل بتأجيل تنفيذها على المدى القصير.
وكانت شركة "إكس لينكس" قد طلبت في منتصف مايو/أيار الماضي تعليقا مؤقتا على إجراءات أمر الموافقة على التطوير (DCO)، وهو التصريح القانوني المطلوب لأي مشروع بنية تحتية كبرى في بريطانيا. وبحسب ما كشفت عنه منصة الطاقة المتخصصة، أوائل الشهر الجاري، فإن الشركة تنتظر منذ شهور حسما من وزارة أمن الطاقة البريطانية بشأن "عقد الفروقات" (CfD)، وهو اتفاق يضمن سعرا ثابتا لبيع الكهرباء لمدة تصل إلى 25 عاما، مما يتيح للمستثمرين تأمين عوائدهم في مواجهة تقلبات السوق.
وتسعى "إكس لينكس" إلى ضمان سعر ثابت للكهرباء المنتجة يتراوح بين 77 جنيها إسترلينيا (104.14 دولارات) للطاقة الشمسية و87 جنيها (117.66 دولارا) لطاقة الرياح، وهي أسعار تعتبر مرتفعة مقارنة بالسوق المحلي البريطاني. وبدون هذا التعهد من الحكومة، أبدى المستثمرون الرئيسيون ترددا في ضخ التمويل اللازم لإنشاء محطة التوليد وسلسلة الكابلات المعقدة الممتدة عبر قاع المحيط الأطلسي. وعلى الرغم من موافقة هيئة التخطيط على تعليق الإجراءات، فإن غياب الدعم السياسي أدى فعليا إلى تجميد المشروع.

Related News

