لغة الإشارة لا تسعف مجتمع الصم في الصين
Arab
1 day ago
share

انتقل الشاب الصيني دا مينغ (25 سنة) العام الماضي من شمال الصين إلى شنغهاي، على أمل بدء مهنة جديدة طاهياً للحلويات، وكان مستعداً للتعامل مع مدينة سريعة الوتيرة، لكنه لم يتوقع أن لغة الإشارة، التي تعلمها منذ فقدانه السمع في العاشرة من عمره، ستكون غريبة إلى هذا الحد. لكنه أدرك لاحقاً أن الإشارات التي اعتمد عليها لسنوات تختلف اختلافاً كبيراً في المدينة الشرقية. فهناك العديد من اللهجات المختلفة، حتى للكلمات الأكثر شيوعاً مثل شنغهاي. 
تسلط تجربة دا مينغ، الضوء على قضية تؤثر على ما يقرب من 28 مليون أصم في جميع أنحاء الصين؛ بسبب الاختلافات الإقليمية الصارخة في لغة الإشارة. ومع اختلافاتٍ واضحة كاللهجات في اللغة الصينية المنطوقة، غالباً ما يواجه مستخدمو لغة الإشارة فجوات في التواصل داخل مجتمعهم. وبينما تعمل الحكومة على توحيد لغة الإشارة الصينية منذ عقود، أسفرت الجهود المبكرة عن أنظمةٍ صعبة التعلم وأقلّ بديهية من الإشارات الطبيعية التي طورها مجتمع الصم على نحوٍ طبيعي.
وعلى الرغم من أن التغييرات الأخيرة جعلت العلامات الموحدة أكثر سهولة في الوصول إليها، إلّا أن العديد من الأفراد الصم ما زالوا حذرين من تبنيها، مفضلين العلامات المحلية المألوفة التي استخدموها لسنوات، إذ إنّ الانقسامات اللغوية، خاصة بين المناطق الشمالية والجنوبية، جعلت من الصعب إنشاء نظام موحد، حتى مع أمل العديد من الصم في نظام وطني مقبول على نطاق أوسع.
يقول أستاذ الإشارة في مركز شنغهاي للصم، ماو تشاينغ لـ"العربي الجديد"، أنه يوجد في الصين حالياً حوالى 27.8 مليون شخص أصم، ولغة الإشارة أداة مهمة لهؤلاء من أجل التعلم والتواصل مع محيطهم الاجتماعي، لافتاً إلى أن مفهوم لغة الإشارة الصينية يشير إلى اللغة التي يستخدمها الصم في الصين بمعناها الواسع، التي يمكن تقسيمها إلى إيماءات اليد ولغة الأصابع. إذ تُعبّر إيماءات اليد بشكل رئيسي عن طريق محاكاة مظهر الأشياء وحركاتها، مُضافاً إليها وضعيات الجسم وتعابيره، أما لغة الأصابع فهي شكل من أشكال التعبير اللغوي يستخدم إيماءات الأصابع لتمثيل الحروف وتهجئة الكلمات أبجدياً. 

يضيف بأن جميع هذه الإيماءات تعتمد أساساً على اللغة المنطوقة في كل منطقة، على سبيل المثال أهل الجنوب الذين يتحدثون اللغة الكانتونية، يواجهون صعوبة في فهم لغة أهل الشمال، والعكس صحيح، وهذا ينطبق على مجتمع الصم، بسبب اختلاف الإشارات والحركات المستخدمة.
ويلفت إلى أنه من أجل تسريع تعزيز لغة الإشارة الوطنية المشتركة وتوحيد استخدام لغة الإشارة في التعليم والتدريس، وجّهت السلطات المحلية بإنشاء مراكز متخصّصة للقيام بهذه المهمة، وكان باكورة هذه الجهود، مركز خدمة تعزيز لغة الإشارة الصينية برايل، التابع لكلية نان جينغ للتعليم الخاص، ومدرسة نان جينغ للصم، وهو معهد مشترك لأبحاث لغة الإشارة، يهدف إلى تحسين مستوى الاستخدام الموحّد للغة الإشارة الوطنية المشتركة، بناءً على البحث النظري عالي الجودة، والتدريس في مدارس الصم في جميع أنحاء البلاد.
من جهته، قال وي يانغ، الباحث في لغة الصم بمعهد نان جنيغ، لـ"العربي الجديد"، إنّ جهود تطوير لغة الإشارة لا تزال حديثة في الصين، وتواجه تحديات كبيرة، لافتاً إلى أنّ لغة الإشارة تعد لغة بصرية ذات قواعد نحوية وترتيب كلمات خاص بها. يمكن ترتيب الإيماءات والتعبيرات وحركات الجسم بحرية ودمجها للتعبير عن معانٍ مختلفة، لكنها في الغالب لا تكون كافية للتعبير الدقيق عن المعنى. فليس من السهل تحقيق ترجمة دقيقة من النص والكلام إلى لغة الإشارة. فضلاً عن أنه يتوجب علينا تحديد التطابق بين اللغة الصينية ولغة الإشارة من حيث المفردات والقواعد.

ويضيف أنه في عام 2019، تضمنت النسخة الأحدث من القاموس الوطني المشترك للغة الإشارة، ثمانية آلاف كلمة فقط أو يزيد بقليل، ولكن في الحياة اليومية، ولتلبية احتياجات التواصل، يلزم إضافة ما لا يقل عن ثلاثة إلى أربعة آلاف كلمة إلى نموذج التعبير بلغة الإشارة. ولتحقيق هذا الهدف، لا تزال الجهود جارية لتطوير المحتوى الأساسي، واستخراج بعض كلمات لغة الإشارة الشائعة نسبياً منها وإضافتها إلى قاعدة البيانات.
ويتابع: "فيما يتعلق بالقواعد النحوية، فإن الوضع أكثر تعقيداً، لأنه في البداية، كان هناك افتراض بأن لغة الإشارة واللغة الصينية المنطوقة لهما نفس القواعد النحوية، ولكن في الواقع، يختلف ترتيب الكلمات والتعبير الدلالي اختلافاً كبيراً من مكان لآخر. على سبيل المثال، قد يكون لجملة بسيطة مثل أحب أكل التفاح أشكال تعبير متعدّدة؛ نظراً لاختلاف ترتيب الكلمات والتعبير الدلالي بين منطقة وأخرى. لذلك هناك حاجة إلى الاستناد لمجموعة كبيرة من النصوص، وبالاستفادة الكاملة من حوسبة البيانات الضخمة، يمكن أن نلخص تدريجياً السمات النحوية للغة الإشارة بما يخدم الناطقين بها".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows