إرشادات صحية قبيل موجة حرّ مرتقبة في المغرب
Arab
1 day ago
share

من المرتقب أن يشهد المغرب موجة حرّ شديدة جديدة ابتداءً من يوم غدٍ الخميس، فتصل الحرارة في عدد من المناطق إلى 46 درجة مئوية، الأمر الذي دفع المديرية العامة للأرصاد الجوية في البلاد إلى إصدار نشرة إنذارية من مستوى يقظة برتقالي، اليوم الأربعاء، بالتزامن مع تحذيرات صحية. يأتي ذلك وسط تحذيرات عالمية من أنّ تغيّر المناخ المسجَّل يتسبّب في موجات حرّ هائلة تزحف ببطء في أنحاء العالم وتؤثّر في عدد أكبر من الأشخاص لفترات أطول.

ووفقاً لتوقّعات المديرية العامة للأرصاد الجوية، فإنّ موجة الحرّ الشديدة في المغرب سوف تُسجَّل مع رياح "الشركي" الحارة والجافة التي تهبّ من الصحراء الشرقية والتي ترفع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، وذلك من اليوم الأربعاء حتى يوم الاثنين المقبل. بالتالي، سوف تتراوح الحرارة ما بين 33 و46 درجة مئوية في أنحاء مختلفة من البلاد. وسوف تبلغ الحرارة ذروتها تدريجياً يومَي السبت والأحد المقبلَين، إذ من المنتظر أن تتراوح ما بين 42 و47 درجة مئوية في مناطق الجنوب الشرقي، بالأقاليم الصحراوية سوس وسايس وتادلة، وفقاً لبيانات المديرية.

ووسط هذه التوقّعات، حذّرت المديرية العامة للأرصاد الجوية في المغرب المواطنين من موجة الحرّ المقبلة، وحثّتهم على تفادي التعرّض المباشر لأشعة الشمس لساعات طويلة، خصوصاً من فترة الظهيرة حتى الغروب، وعلى اعتماد سبل الوقاية اللازمة للحؤول دون الإصابة بضربات شمس، ولا سيّما اللجوء إلى أماكن الظلّ بقدر المستطاع، وتناول السوائل. كذلك دعت المديرية الناس إلى توخّي الحذر أثناء حدوث زخّات رعدية.

يُذكر أنّ المغرب كان قد شهد في 25 يوليو/ تموز 2024 مأساة بعد وفاة 21 شخصاً، معظمهم مسنّون أو يعانون من أمراض مزمنة، في منطقة بني ملال (وسط) بسبب موجة حرّ طاولت البلاد حينها، وعشيّة موجة الحرّ المرتقبة سُجّلت مخاوف ولا سيّما بشأن الفئات "الهشّة" مثل الأطفال والمسنّين.

وأخيراً، سارعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب إلى اتّخاذ سلسلة من الإجراءات الاستباقية لمواجهة التأثيرات الصحية المتزايدة الناجمة عن موجات الحرّ في موسم صيف 2025. وتركّز هذه الإجراءات على توفير مكيّفات هواء في المستشفيات، بالإضافة إلى متابعة تزويد المرافق الصحية بالأمصال المضادة لسمّ العقارب، خصوصاً في المناطق المعرّضة لخطر انتشارها. ودعت الوزارة كذلك إلى تفعيل الجهاز الوطني لمواجهة التداعيات الصحية لموجات الحرّ لعام 2025، مع الإبقاء على العمل بالمخططات الجهوية التي تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كلّ منطقة على حدة، مع تعبئة الموارد البشرية والمادية لضمان الوقاية والتكفّل بالمصابين من جرّاء الحرّ الشديد.

ولمواجهة موجة الحرّ المرتقبة، أوصت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية باعتماد نظام داوم طبي على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع في المؤسسات الصحية، وتوفير فرق دعم إضافية، مع تعزيز الأطقم الطبية والتمريضية، خصوصاً في أقسام الطوارئ والإنعاش والعناية المركّزة في المستشفيات المرجعية. وشدّدت الوزارة على ضرورة جهوزية خدمات المساعدة الطبية الاستعجالية (سامو)، وتعزيز نظام استقبال المكالمات المستعجلة ومعالجتها، بالإضافة إلى توفير الأدوية واللوازم الطبية الضرورية، وتوعية الكوادر الصحية بأهمية التكفل المناسب بالفئات الهشّة مثل الأطفال والمسنّين والنساء الحوامل والمصابين بأمراض مزمنة، إلى جانب الفئات الأكثر عرضة للخطر، مع توفير مساحات مكيّفة داخل المستشفيات المرجعية.

في هذا الإطار، يقول الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية الطيب حمضي إنّ "موجة الحرّ الشديد تؤدّي، في غياب الاحتياطات، إلى مضاعفات صحية خطرة، بسبب جفاف الجسم أو الضربة الحرارية أو الحالتَين معاً". ويوضح حمضي لـ"العربي الجديد" أنّ "الجميع معرّض لتأثيرات الحرّ الصحية، خصوصاً المسنّين والأطفال"، لافتاً إلى أنّ "إجراءات وقائية لا بدّ من اتّباعها لمواجهة موجة الحرّ والمشكلات الصحية التي قد تنجم عنها، من قبيل شرب المياه قبل الإحساس بالعطش، وتناول العصائر والشوربة للحصول على الأملاح المعدنية، بالإضافة إلى الاغتسال بمياه الرشاش مرّات عدّة في اليوم، من دون تجفيف الجسم بالفوط بعد الاستحمام".

ويشدّد حمضي على "ضرورة تناول وجبات خفيفة مرّات عدّة في اليوم، مع التركيز على الخضراوات والفواكه لمدّ الجسم باحتياجاته من المياه والأملاح من دون إنهاكه"، مشيراً كذلك إلى أهمية "الحفاظ على برودة المنزل في النهار بإغلاق النوافذ لمنع تدفّق الحرّ الشديد من الخارج، وفي الليل والصباح المبكر بفتح النوافذ والأبواب لخلق تيّار هوائي، مع استخدام المكيّف الهوائي والمراوح الهوائية خصوصاً بعد تبليل الجسم بالمياه". ويحذّر من "الخروج في الأوقات الأشدّ حرارة في اليوم، أي من الساعة 11 من قبل الظهر حتى التاسعة مساءً، وعند الضرورة يجب ارتداء ملابس قطنية خفيفة وفضفاضة فاتحة اللون مع قبّعة كبيرة، وتجنّب النشاط البدني المجهد والبقاء في الظلّ كلّما أمكن ذلك".

تجدر الإشارة إلى أنّ المغرب شهد في عام 2024 درجات حرارة مرتفعة قياسية، خصوصاً في فصلَي الربيع والصيف، إذ تجاوزت المعدّلات المناخية المعتادة في عدد من المناطق، بحسب ما بيّنت المديرية العامة للأرصاد الجوية. ويرى الخبير البيئي مصطفى بنرامل، رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، أنّ "أسباب الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة في المغرب تعود إلى تغيّر المناخ العالمي الناتج عن الانبعاثات الكربونية وارتفاع تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي". يضيف بنرامل إلى الأسباب "ظواهر مناخية متكرّرة، مثل إل نينو، التي تزيد من حدّة الجفاف وموجات الحرّ في منطقة شمال أفريقيا".

ويوضح بنرامل لـ"العربي الجديد" أنّ "تغيّر المناخ كانت له آثار واضحة على الإنسان والمحيط البيئي في المغرب، إذ سُجّل تراجع حاد في الموارد المائية نتيجة قلّة المتساقطات وتسارع وتيرة الجفاف، الأمر الذي أثّر سلباً في الزراعة وتربية المواشي، خصوصاً في المناطق القروية". يضيف الخبير البيئي أنّ "الحرّ الشديد أدّى إلى ارتفاع معدّلات الإجهاد الحراري بين السكان، خصوصاً الأطفال وكبار السنّ، وإلى تزايد الإصابات بأمراض مرتبطة بالحرارة مثل ضربات الشمس والتجفاف".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows