في تغييب القانون الدولي
International
3 hours ago
share

تؤكد الحرب الإيرانية الإسرائيلية مجددا أن منطقة الشرق الأوسط تعد أهم ركن يتجسد فيه أبرز مظهر من مظاهر تراجيديا الإنسانية المعاصرة وهي الحرب.

وتتعزز هذه التراجيديا الشرق أوسطية بوجود منحى لدى السياسيين والإعلاميين في البلدان الغربية لتغييب مفهوم القانون والانتشاء، مقابل ذلك، بنتائج اختلال ميزان القوى العسكري لصالح إسرائيل سواء في الحرب على غزة أو في مواجهة إيران. وعلى الرغم من فتح باب الحوار مع طهران خلال الأسبوع المنقضي ومن مهلة ترامب بأسبوعين للحصول على اتفاق، تبقى السمة العامة للوضع هي عودة إلى حالة اللاقانون والقوة على حساب القانون والحق. 

لاحظنا هذا المنحى لدى السياسيين أولا وكانت ردودا مفاجئة تتعارض مع توجهاتهم المعروفة. فقد عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ اليوم الأول للمواجهة الإسرائيلية الإيرانية عن استعداده للمشاركة في الدفاع على إسرائيل والحال أنها هي من بادر بضرب إيران في قصف موسع وفتحت المنطقة على مخاطر عدة. نفس الموقف المغيب لمفهوم القانون ورد على لسان المستشار الألماني فريديريش مارتس عندما صرح أن إسرائيل تقوم بحرب قذرة بدلا عنا، أي نحن الغربيين. وهو تصريح خطير، لا يهمش مبدأ القانون الدولي فحسب من خلال إعطاء شرعية لحرب قذرة، بل أيضا من خلال العودة إلى عقلية كولونيالية غربية خلنا أنها زالت. هذا دون الحديث عن شخص نتنياهو الذي من الواضح أنه يريد الحرب من أجل تفادي السجن وهو الملاحق بالقانون داخليا وخارجيا.         

من جهتها، انخرطت أغلب وسائل الإعلام الغربية في هذا التوجه نحو تغييب القانون، وتبرير ما هو مجرم قانونا وأخلاقا. ففي حادثة اغتيال علماء إيرانيين من طرف إسرائيل، تركز الحديث على دقة الضربة وعلى القدرة الإسرائيلية على الاختراق، في حين تم تغييب أصل المشكل وهو أن هناك دولة قررت قتل علماء من دولة أخرى، حتى لو كانوا يشتغلون في المجال النووي. فهل لهم خيار آخر كعلماء في إيران ونظامها؟ كما وجدت بعض المنابر الإعلامية الغربية ضالتها في تبرير الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنها دولة ديمقراطية وكأن الديمقراطية بديل عن الحقوق وعن القانون. فلا ننسى أن الحركة الاستعمارية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كانت أيضا تحت مظلة الديمقراطية والتقدم.    

سواء جاء من ساسة أو من إعلاميين، فإن هذا المنحى نحو تغييب القانون والحقوق في حالة الشرق الأوسط سوف يعزز أرضية التطرف في المنطقة وسوف يزيد من حجم الأزمات ويُبقِي شعوبها على فقرها وعلى تخلفها.     

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows