الحرب تربك خطط الحكومة المصرية.. هل تضطر لتعديل الموازنة الجديدة؟
Arab
4 hours ago
share

في تصاعد الحرب بين إيران وإسرائيل واحتمالات التدخل الأميركي في الصراع، تواجه الموازنة المصرية الجديدة للعام المالي 2025- 2026، التي أقرها البرلمان المصري مؤخراً بصفة نهائية، اختباراً مالياً قاسياً، سواء على مستوى واقعية تقديراتها أو مرونة استجابتها للصدمات الخارجية. والثلاثاء الماضي، وافق مجلس النواب المصري، بصفة نهائية على الموازنة العامة الجديدة للدولة و63 هيئة اقتصادية حكومية، دفعة واحدة، خلال 24 ساعة من طرحها للمناقشة العامة تحت قبة البرلمان. واعترض 70 عضواً سمح لهم بالحديث من بين 596 نائباً طلبوا الإدلاء بآرائهم على عدم منح النواب فرصة للاستماع إلى آرائهم في مشروع الموازنة، وتمريرها بسرعة لم يشهدها البرلمان من قبل رغم تأخر توقيت مناقشاتها، لما قبل تنفيذها عملياً بنحو أسبوعين، إذ تبدأ السنة المالية الجديدة أول يوليو/ تموز المقبل.

ويبلغ إجمالي الموازنة العامة المصرية الجديدة نحو 6.8 تريليونات جنيه (ما يعادل 136 مليار دولار)، فيما تقدر الحكومة إجمالي الإيرادات العامة بنحو 3.3 تريليونات جنيه (66 مليار دولار)، وهو ما يغطي فقط 48.5% من إجمالي حجم الإنفاق المعتمد. وتستحوذ الضرائب على النصيب الأكبر من هذه الإيرادات، إذ تستهدف الدولة تحصيل نحو 2.6 تريليون جنيه (52 مليار دولار)، أي إن الضرائب وحدها تمثل 78.8% من إجمالي الإيرادات العامة، و38.2% من الموازنة الكلية. وفي المقابل تلتهم خدمة الدين العام (المحلي والأجنبي) التي تقدر بنحو 2.1 تريليون جنيه (42 مليار دولار) ما نسبته 63.6% من إجمالي الإيرادات العامة و30.9% من إجمالي الموازنة الكلية، وتعد هذه النسبة من الأعلى تاريخياً.

ويشير هذا التداخل الخطير بين مصدر التمويل الرئيسي للموازنة المصرية (الضرائب) وأكبر بنود الاستخدام بالموازنة (الدين) إلى حلقة مفرغة من التحصيل والسداد، تُضعف قدرة الحكومة على تنفيذ السياسات الاقتصادية أو مواجهة الصدمات الطارئة، وتبقيها رهينة لأسواق الدين وسعر الفائدة. ومع تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد الضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع سعر الطاقة، وتباطؤ النشاط الإنتاجي، وارتفاع متزايد في تكلفة الاستيراد قد تضعف أيضاً قدرة القطاعات الاقتصادية على الامتثال الضريبي، الأمر الذي يهدد بتحقيق فجوة تمويلية أوسع، ويربك قدرة الحكومة على ضبط العجز دون التوسع في الاقتراض المحلي والخارجي.

الحرب تربك خطط الحكومة

ونقلت نشرة "إنتربرايز" الاقتصادية، اليوم السبت، عن مصدر حكومي بارز، أن الحكومة المصرية قد تضطر إلى تعديل الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2025–2026، في حال استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران، وما قد يصاحبه من انخراط أميركي محتمل في الصراع. وأوضح المصدر أن هذه التعديلات قد تشمل جوانب الإيرادات والمصروفات والعجز، ومن المرجح أن تُنفذ خلال النصف الثاني من العام المالي، أو قبل انتهاء دور الانعقاد البرلماني الحالي في أكتوبر/تشرين الأول إذا استدعت الضرورة. وقد يفرض استمرار الحرب على الحكومة، بحسب المصدر، فتح اعتماد إضافي لمواجهة ارتفاع تكاليف استيراد السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج، خاصة في حال تأثر الجنيه المصري بشكل أكبر.

وأضاف المصدر، أن الحكومة قد تعيد تقييم مستهدفاتها الضريبية البالغة 2.6 تريليون جنيه، وسط مخاطر انخفاض الإيرادات الفعلية. كما حذر من أن تصاعد التوترات قد يؤثر سلباً على تسعير أول إصدار للصكوك السيادية المحلية، ويؤدي إلى عزوف بعض الاستثمارات الإقليمية، وهو ما قد يعطل أيضاً خطة طرح 11 شركة حكومية ضمن برنامج الطروحات إلى الربع الثاني من العام المالي المقبل، إذا استمرت حالة الحذر في الأسواق.

صدمة النفط المحتملة

ووسط توقعات بحدوث صدمة كبرى في سوق النفط حال نفذت واشنطن تهديداتها بضرب طهران، تتزايد المخاطر التي تهدد استقرار موازنة مصر، نظراً إلى اعتماد الدولة على استيراد جزء كبير من احتياجاتها من الطاقة، سواء للاستهلاك المحلي أو لتوليد الكهرباء. وقدرت الحكومة في موازنة 2025–2026 سعر البرميل عند 75 دولاراً، إلا أن أي زيادة عن هذا المستوى تترتب عليها أعباء مالية مباشرة، حيث تشير التقديرات الرسمية إلى أن كل دولار إضافي في سعر النفط يضيف نحو 197 مليون دولار شهرياً إلى فاتورة الاستيراد، أي ما يقارب 2.4 مليار دولار سنوياً. وعليه، فإن ارتفاع السعر إلى 90 أو 100 دولار للبرميل لا يهدد فقط بتآكل مخصصات الدعم، بل يدفع الحكومة نحو فتح اعتماد إضافي في الموازنة، أو إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، وربما تقليص بنود اجتماعية أو استثمارية لتعويض الفجوة الطارئة.

وقال المحلل في بنك باركليز، أماربريت سينغ، وفقاً لرويترز، إنه في حال تحقق السيناريو الأسوأ؛ المتمثل في توسع الحرب إلى جبهة أوسع؛ يمكن أن تتجاوز أسعار النفط حاجز الـ100 دولار للبرميل بسهولة". وأوضح محللون من بنك غولدمان ساكس، الأربعاء الماضي، بينهم دان سترايفن، أنّ "هيكل خيارات أسعار النفط وتقلباتها يظهر أن الأسواق تتوقع قفزة في الأسعار على المدى القريب". فيما قال كبير محللي السوق في ترادو دوت كوم ، راسل شور: "على الرغم من أن التصعيد الكبير لم يحدث بعد، لا تزال المخاطر على الإمدادات من المنطقة مرتفعةً، ولا تزال تعتمد على احتمال التدخل الأميركي".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows