عن الدولة ـ الأمة
Arab
3 hours ago
share

 

تحدث الكثير من المراقبين في تعليقاتهم حول مجريات الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل عن الاختراق الاستخباري الذي مكّن إسرائيل من إحداث صدمة قوية للداخل الإيراني منذ اليوم الأول، وفسروا ذلك بتآكل الجبهة الداخلية على اعتبار أن للنظام القائم معارضين داخليين مستعدين للتحالف مع الشيطان في سبيل إطاحته. وفي المقابل تبدو الجبهة الداخلية في إسرائيل أكثر تماسكًا رغم الانقسام الحاد الذي تعرفه الساحة السياسية الإسرائيلية.

إن هذا المعطى من المفروض أن يحفز العقل العربي ويدفعه إلى التفكير مليًّا في النموذجين السياسيين المذكورين أعلاه، لمحاولة الفهم أولًا وأخذ العبرة ثانيًا والفعل الخلاق ثالثًا.

ما تعيشه إيران في الآونة الأخيرة ليس بغريب عنا باعتبار المواجهات العسكرية التي خاضتها الدول العربية ضد إسرائيل منذ قيامها في عام 1948 والهزائم التي منيت بها على يد الدولة نفسها، من دون أن نستوعب الدروس التي تمكننا من تجاوز حالة الانهزام التام أمام دويلة صغيرة مساحةً وسكانًا، والسبب الرئيسي وراء هذه الهزائم المتتالية.

أعتقد أن السبب الرئيسي يكمن أساسًا في أن النخب السياسية الإسرائيلية استطاعت أن تؤسس لدولة حديثة بكل ما للكلمة من معنى، أما نحن فما نزال لم نؤسس لهذه الدولة. ولمعرفة الأسباب الأساسية وراء هذا الإخفاق يجب العودة إلى الوراء بعيدًا.

بعد صدمة الحداثة والسؤال الذي طرحه رواد النهضة العربية: لماذا تقدم الغرب وتأخر العرب؟ بدأت المحاولات الأولى للإجابة عن هذا السؤال من خلال المشاريع الفكرية والسياسية التي قادها رواد النهضة العربية، مزاوجين بين التنظير الفكري والعمل السياسي ضد الاستعمار الغربي، توجت باستقلال الدول العربية وظهور أولى الدول الوطنية في العالم العربي. إلا أن هذه التجارب الأولى أُجهِضت بعد الانقلابات العسكرية التي عرفتها العديد من الدول الوطنية الناشئة حديثًا، وأُوقف المشروع النهضوي العربي بخطابات الوحدة العربية، ومن المعروف أن هذه التجربة انتهت بهزيمة مدوية على يد إسرائيل سنة 1967.

في أعقاب هذه الهزيمة انطلقت بالفعل الدعوات التي مهدت الطريق لخطابات الإسلام السياسي التي دعت إلى الوحدة الإسلامية واستعادة الخلافة، ويمكن اعتبار لحظة الربيع العربي أوج هذا المشروع السياسي الذي عرف الكثير من الإخفاقات والقليل من النجاحات، لنفوت على أنفسنا مناسبة سانحة للتأسيس للدولة الحديثة المأمولة، انتهاءً بزلزال 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي ما نزال نعيش ارتداداته المتصاعدة من حيث القوة والمدى.

اللحظة التاريخية مواتية أمام نخبنا الفكرية من أجل استعادة أسئلة النهضة العربية التي من بينها سؤال الدولة، باعتبارها المدخل الأساسي لأي نهوض حضاري

أعتقد أن اللحظة التاريخية مواتية أمام نخبنا الفكرية من أجل استعادة أسئلة النهضة العربية التي من بينها سؤال الدولة، باعتبارها المدخل الأساسي لأي نهوض حضاري، والتفكير في الأسس التي يمكن أن نقيم عليها ركائز دول حديثة مدنية ديمقراطية تعددية يجد في كنفها جميع المواطنين مهما كانت أصولهم العرقية والمناطقية وخلفياتهم الاجتماعية والثقافية مكانًا تحت مظلتها الجامعة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows