كيف تتضامن النساء؟
Arab
4 hours ago
share

عبر أي مشاهدة متمعنة أو سريعة للمشهد السياسي العام في سورية، سنجد غيابًا واضحًا للنساء. على الرغم من أن النساء السوريات قد راكمن خبرة واسعة في المشاركة والإدارة وفي التفاعل مع الحدث العام، وصولاً إلى التقدم بخطابات ومطالب محقة ومشروعة.

وفي الوقت عينه، ثمة خطابات نقدية مدروسة بعين نقدية تتحسس غياب النساء وترصد الفراغ الحاصل.

تتحسس العيون الراصدة لتغييب النساء كل ما يصدر مكتوبًا، معلنًا، ممارسًا بقرارات مبرمة حاسمة متجاهلة الردود المرتقبة تحسبًا من قوة صداها، وجرأتها، وعنادها، وربما يصل التجاهل إلى درجة التشكيك الواثق بأنه لن يوجد أي رد، وإن وُجد فالحلول الرسمية والجماعية حاسمة وستلبس ثوب التصدي وليس النقاش أو التشارك.

تتعرض النساء غالبًا وبعد الإقصاء لهجمات اتهامية عنيفة وواسعة، تتناول كرامتهن الشخصية، في الغالب لا يتم نقد الرأي ولا العمل كمنجز قابل للتقييم المهني والمعرفي، بل يتم التوجه إلى الحد الأقصى من التماس الشخصي والمباشر، فيتم تناول صاحبة الاسم بطريقة مهينة تتعرض إلى شكلها وطائفتها وعمرها وجسدها وأهلها، وربما مكان ولادتها أو إقامتها.

فجأة يتهافت المنتقدون من كل صوب وحدب، ويبدأ سيل الاتهامات، مطلوب أن لا نفهم شيئًا في المعمعة الحاصلة، وكلما كنت شتامًا شرسًا وتمتلك قاموسًا واسعًا من التخيلات المريضة التي تستطيع تثبيتها على السيدة موضوع الاستهداف، كلما غمرتك مشاعر البطولة الفذة، وكلما تعامل معك الآخرون بالمديح، وخاصة عندما يستعملون العبارة المشهورة (ما قصرت)!

تتعرض النساء غالباً وبعد الإقصاء لهجمات اتهامية عنيفة تتناول كرامتهن الشخصية، فيتم تناول صاحبة الاسم بطريقة مهينة تتعرض إلى شكلها وطائفتها وعمرها

يتحول الرأي إلى حالة صراعية، والتضامن هنا واجب، خاصة في ظل غياب القوانين الرادعة والنظم الملزمة بالاحترام وبعدم الاعتداء، لكنه مقيد أيضًا! مقيد بتهديد مبطن بأنك اللاحق/ة في معركة الشتم والتخوين وهتك الخصوصيات واستدعاء عائلتك، وخاصة أمك للنيل والعبث بكرامتها، الأم هنا رمزية لشرف العائلة، لشرف العشيرة وليس للأمومة والمنح والعطاء والعاطفة والدعم والزهو، والزهو بما ينتجه الأبناء والبنات حق، والرأي ليس مجرد كلمات وشعارات، هو منتج أصيل ينبغي التعامل معه لتوظيفه في عملية التكوين المجتمعي، وخاصة تكوين الفكر الحر المستقل وتكوين التعاقد الاجتماعي الذي يتقاسمه الجميع لخدمة الجميع، واحترام رأي بناتنا حق لهن وواجب علينا مهما اختلفنا معهن! الصراع هنا بلا عاطفة، بلا تمعن فكري، وبلا تبصر منطقي بما قيل، بما قدمته النساء للآخرين كرأي خاص غير ملزم وغير اتهامي، تهمته الأولى أنه يخصهن وحدهن، والتهمة الأكثر تسببًا بالإدانة هي الجرأة على طرح هذا الرأي، على قوله! أين؟ في مساحة عامة! هنا تحديدًا يتحول الحق إلى مبررات جماعية للعقاب.

كيف تتضامن النساء؟ إنه السؤال المعضلة، خاصة وأن سؤالاً يطرح نفسه وبشدة قبل هذا السؤال، هل تتضامن النساء كما ينبغي مع شريكاتهن؟ هل تتضامن النساء مع شريكاتهن فقط لأنهن نساء؟ أو خوفًا من أن معركة التشهير القادمة ستكون معهن أيضًا، لأن الاستسهال في تصيد الاختلاف في مواقف النساء هو قاعدة عامة لن تنجو منها امرأة، وخاصة الناشطات أو النساء اللاتي قررن إعلاء أصواتهن.

ثمة وقائع تشير إلى وجود حالات من التضامن، لكنها تولد ردودًا إضافية على المتضامنات/ين، وهذا قد يتسبب بالانكفاء عن مواصلة التضامن، وقد تقول إحداهن علنًا: (أنا ما بدي أتضامن معها) دون أن تعلن سبب عدم التضامن.

لنخض إذن في سؤال أساسي، هل تضامننا كنساء واجب علينا تجاه شريكاتنا النساء فقط؟ رغم عدم حيادية الجواب لكنه بالمعنى الحقيقي نعم! فالنساء يتعرضن لمبالغات أكبر في التهجم عليهن، وبطرق شرسة وغير أخلاقية، كما يتم خلط أوراق متعددة تبدأ من أول حرف كتبته المرأة المتهمة وانتهاء بلباس ابنة خالتها في قارة أخرى.

تضامن النساء مع النساء حق وواجب، ليس لأنهن وحيدات فحسب، بل لأن التضامن شرط للشراكة، وقاعدة للعمل المشترك، خاصة بما يتعلق بمطالب النساء الواسعة جدًا والمحقة والمؤجلة أو المتلاعب بها دومًا.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows