
تشهد أسواق النفط العالمية تقلبات متزايدة نتيجة الأوضاع الجيوسياسية المتوترة في منطقة الشرق الأوسط، والتي تلقي بظلالها على استقرار الأسعار والإنتاج. في ظل هذه الظروف، يسعى تحالف "أوبك+" إلى ضبط مستويات الإنتاج بشكل مدروس وتدريجي للحفاظ على توازن السوق العالمية مع تلبية الطلب المتزايد. في الوقت نفسه، تعبر القوى الكبرى عن مخاوفها من تداعيات التصعيد العسكري في المنطقة على الأمن والاستقرار الدوليين، ما يعكس أهمية هذا الملف وتأثيره الواسع على الاقتصاد العالمي.
وفي هذا السياق، قال أكبر منتج للنفط في روسيا ورئيس شركة روسفنت إيغور سيتشين، اليوم السبت، إن قرار مجموعة "أوبك+" تسريع زيادة الإنتاج يبدو الآن بعيد النظر ومبررا في ظل الصراع في الشرق الأوسط. وفي حديثه خلال المنتدى الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ، قال سيتشين أيضا إنه لن يكون هناك فائض نفطي في المدى الطويل على الرغم من ارتفاع الإنتاج. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى خفض سقف سعر النفط الروسي إلى 45 دولارا للبرميل من أجل تحسين ربحية مشترياته وليس لخفض إيرادات ميزانية روسيا، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
من جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم أمس، إن الوضع في الشرق الأوسط أدى إلى ارتفاع أسعار النفط، لكنه أشار إلى أن هذا الارتفاع ليس كبيرًا، معتبرًا أنه لا حاجة لتدخل تحالف "أوبك+". جاء ذلك خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي الدولي في مدينة سانت بطرسبرغ، حيث أجاب بوتين على أسئلة الصحافيين، وأوضح أن تحالف "أوبك+" يواصل زيادة إنتاج النفط تدريجيًا. وفي تعليقه على الصراع بين إيران وإسرائيل، عبر بوتين عن قلقه العميق، وقال: "هذا أمر مقلق، وأتحدث بجدية، هناك احتمالات كبيرة لتصاعد هذا الصراع وهي واضحة أمامنا وتؤثر علينا بشكل مباشر".وقال بوتين إن سعر النفط يقارب الآن 75 دولارًا للبرميل، مقارنة بـ65 دولارًا قبل تصاعد الصراع.
وتشهد المنطقة منذ 13 يونيو/ حزيران الجاري تصعيدًا عسكريًا واسعًا تشنه إسرائيل بدعم أميركي على إيران في عملية أسمتها "الأسد الصاعد". وتركزت العمليات على استهداف منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين، فيما ردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة باتجاه العمق الإسرائيلي، ما يمثل أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين.
بدوره، صرح نائب رئيس الوزارء الروسي ألكسندر نوفاك، خلال المنتدى نفسه، بضرورة التزام تحالف "أوبك+" بخطة زيادة الإنتاج، مشيرًا إلى ارتفاع الطلب خلال فصل الصيف. وقال نوفاك: "لتحقيق التوازن، علينا إعادة جزء من التخفيضات الطوعية التي أقرت في 2023 إلى السوق"، مشددًا على أن لدى التحالف القدرة على زيادة الإنتاج وخفضه في الوقت نفسه.
في المقابل، بدأ ثمانية أعضاء في تحالف "أوبك+"، منهم السعودية، روسيا، الإمارات، العراق، الكويت، عمان، الجزائر وكازاخستان، تنفيذ خطة تدريجية لإنهاء جزء من التخفيضات الطوعية التي تبلغ 2.2 مليون برميل يوميًا. واتُّفق على زيادات إنتاج شهرية من إبريل/نيسان حتى يوليو/تموز، ومن المتوقع أن يجتمع التحالف الشهر المقبل لاتخاذ قرار بشأن إنتاج أغسطس/آب. وكانت روسيا أبدت رغبة في تجميد الزيادة المقررة في يوليو/تموز، لكنها دعمت في نهاية المطاف رفعًا تدريجيًا بمقدار 411 ألف برميل يوميًا.
وصعدت أسعار النفط مع تصاعد الحرب المستمرة منذ أسبوع بين إسرائيل وإيران، وسط حالة من الغموض حول احتمال تدخل أميركي، ما أبقى المستثمرين متوترين وساهم في وصول العقود الآجلة لخام برنت إلى أعلى مستوياتها منذ أواخر يناير/كانون الثاني. وتجدر الإشارة إلى أن إيران هي ثالث أكبر منتج نفط بين أعضاء "أوبك"، وقد تؤدي الأعمال القتالية إلى تعطل إمداداتها، ما يزيد من ضغوط ارتفاع الأسعار.
وتحالف "أوبك+" هو تجمع يضم منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وعددًا من المنتجين خارجها بقيادة روسيا، ويعمل بشكل منسق على تحديد مستويات إنتاج النفط لتحقيق توازن في السوق العالمية. وفي وقتٍ سابق، قرر التحالف فرض تخفيضات طوعية كبيرة بلغت 2.2 مليون برميل يوميًا للحد من فائض العرض ورفع أسعار النفط. ومع ارتفاع الطلب خلال فصل الصيف الحالي وتصاعد التوترات الجيوسياسية، بدأت الدول الأعضاء في التحالف تدريجيًا رفع الإنتاج ضمن خطة محددة، في محاولة لتلبية حاجة السوق من دون إحداث تقلبات حادة في الأسعار.
(الأناضول، رويترز، العربي الجديد)

Related News
