
من ائتلاف "دعم مصر" إلى قائمة "من أجل مصر" وصولاً إلى القائمة الوطنية، اختلفت المسميات والتحالفات لحصد المقاعد النيابية، كلها خرجت من رحم السلطة الحاكمة منذ عام 2014، بهدف الاستحواذ على الأغلبية الكاسحة من مقاعد البرلمان المصري وعدم السماح بتمثيل الأحزاب المعارضة إلا بأضيق الحدود، وجاءت عبر القائمة الانتخابية المدعومة من أجهزة الدولة، لا سيما الأمنية منها.
ومع اقتراب موعد انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب على الترتيب، في النصف الثاني من العام الحالي، تتأهب أحزاب مستقبل وطن والجبهة الوطنية وحماة الوطن والشعب الجمهوري والوفد ومصر الحديثة والمؤتمر وإرادة جيل والحرية، بالإضافة إلى ما يعرف بـ"تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين"، للإعلان عن تحالف انتخابي جديد باسم "القائمة الوطنية".
وباستثناء حزب الجبهة الوليد، فإن الأحزاب ذاتها هي التي شكلت قائمة من أجل مصر، وفازت بجميع مقاعد القائمة المغلقة في انتخابات 2020، مستحوذة على أغلبية كاسحة بمقاعد البرلمان المصري بغرفتيه الشيوخ والنواب برفقة ثلاثة أحزاب تروج طوال الوقت أنها معارضة للحكومة ولكن ليس للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي عين ممثليها بالمجلسين، وهي المصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية والعدل. وتصر الأحزاب الثلاثة على لعب دور يصفه سياسيون بـ"المعارضة المستأنسة" تحت قبة البرلمان، إذ حظيت بـ25 مقعداً مجتمعة في مجلسي النواب والشيوخ، فازت بها جميعاً على قائمة الأغلبية برعاية حزب مستقبل وطن.
وقال مصدر برلماني في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إن القائمة الانتخابية الجديدة مشكّلة كسابقتيها في انتخابات 2015 و2020 بمعرفة أجهزة الأمن وتحت إشرافها، مرجحاً حصول القائمة في الانتخابات المرتقبة على جميع مقاعد القائمة المغلقة، البالغة 284 مقعداً من مجموع 568 في النواب و100 من أصل 200 في الشيوخ، علاوة على عدد وافر من مقاعد النظام الفردي في المجلسين، بما يضمن أغلبية مريحة لأحزابها.
وصادق السيسي على تعديلات قوانين الانتخابات البرلمانية، الأسبوع الماضي، التي قدمتها أحزاب الأغلبية على عجل من دون مناقشة مستفيضة أو حوار وطني مع الأحزاب المعارضة. وأبقت فيها على عدد مقاعد مجلسي النواب والشيوخ بلا تغيير وتقسيمها مناصفة بين الانتخاب بنظام القوائم المغلقة المطلقة والنظام الفردي، مع منح رئيس الجمهورية الحق في تعيين 30 عضوا إضافيا في النواب و100 في الشيوخ.
وقالت مصادر برلمانية إن نحو 70% من نواب البرلمان مرشحون للاستمرار في مناصبهم عقب التشكيل الجديد، وسيتم استبعاد 30% من الأعضاء الحاليين لأسباب منها: التقدم في العمر، ضعف الأداء تشريعياً ورقابياً، التغيب الدائم عن حضور الجلسات واللجان، ارتباط البعض منهم بأحزاب دينية وتورط البعض الآخر في قضايا مخلة بالشرف، مثل إصدار شيكات من دون رصيد.
وكانت مصادر سياسية كشفت لـ"العربي الجديد" أن مؤسسة الرئاسة اتخذت قراراً بإنهاء وجود حزب "النور" السلفي في الحياة السياسية، ويمتلك سبعة مقاعد في مجلس النواب الحالي، باعتباره يقوم على أساس ديني، في ظل رغبة رسمية بشأن إغلاق الباب أمام التيارات الدينية، حتى لو كانت موالية للنظام، بحيث يقتصر ظهورها في أشكال دعم أخرى غير رسمية، من بينها الجمعيات الخيرية.
من جهته، قال مصدر مطلع في الأمانة العامة لمجلس النواب، إن القائمة المحتملة للأعضاء المستبعدين من المجلس تشمل رئيس لجنة الخطة والموازنة فخري الفقي، ورئيس لجنة المشروعات الصغيرة محمد كمال مرعي، ورئيسة لجنة الثقافة والإعلام درية شرف الدين، على أن يخلفها في المنصب رئيس لجنة الإعلام في مجلس الشيوخ محمود مسلم، إثر انضمام الأخير إلى حزب الجبهة الوطنية، وتعيينه أميناً لأمانة الإعلام المركزية في الحزب. كما تشمل رئيس لجنة الشؤون التشريعية وزير العدالة الانتقالية السابق إبراهيم الهنيدي، واستبداله برئيس مجلس النواب السابق علي عبد العال، الذي بات أحد كوادر حزب الجبهة، بعد استبعاده من رئاسة المجلس في بداية الفصل التشريعي الحالي لمصلحة رئيس المحكمة الدستورية السابق حنفي جبالي، بحسب المصدر.
واللافت أن مجلس النواب أبقى على عضوية عبد العال ومكافآته وبدلاته المالية الشهرية، من دون أن تطأ قدماه المجلس على مدى خمس سنوات، بعد إطاحته من منصبه بناءً على توصية من جهات سيادية على خلفية الرفض الشعبي الواسع لأدائه في الفصل التشريعي السابق، وسقطاته الإعلامية المتكررة، وفشله في إدارة الخلافات بين النواب.
وفي ما يخص مجلس الشيوخ، فإن من أبرز المستبعدين وكيل المجلس بهاء الدين أبو شقة (87 عاماً)، والذي عُين بقرار من السيسي بصفته السابقة رئيساً لحزب الوفد، ونبيل دعبس (85 عاماً) رئيس حزب مصر الحديثة السابق رئيس لجنة التعليم والاتصالات في المجلس. بحيث يخلف الأول رئيس الوفد الحالي عبد السند يمامة، والثاني ابنه رجل الأعمال وليد دعبس.
وأفاد المصدر بأن من الأسماء المرشحة للاستبعاد من الشيوخ الأمين العام لمجلس الشورى (قبل إلغائه) فرج الدري، ورئيس لجنة الزراعة والري عبد السلام الجبلي، ورئيس لجنة الشباب والرياضة رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، إلى جانب 19 شخصية عسكرية، وخمس قيادات شرطية سابقة، ضمن قائمة المعينين في المجلس، واستبدالهم بآخرين.
وللمرة الأولى في تاريخ المجالس النيابية المصرية، رشحت جهات مثل وزارة الدفاع والمخابرات العامة أسماء بعينها للتعيين في مجلس الشيوخ (2020-2025). ورشحت الأولى: أيمن عبد المحسن، ويونس المصري، وأسامة الجندي، وعبد المنعم إمام، ومجد الدين بركات، ومصطفى كامل، وهارون عبد الحميد، ومحمود أبو النصر، فيما رشحت المخابرات: جمال عبد الحليم، وأبو الفتوح محمد، وهدى عبد الناصر.
يُذكر أن رئيس نادي الزمالك البرلماني السابق مرتضى منصور، هاجم ممارسات حزب مستقبل وطن في انتخابات 2020، مدعياً أن الحزب طلب منه سداد مبلغ 50 مليون جنيه (نحو مليون دولار)، مقابل وضع اسمه في قائمته الانتخابية. الأمر الذي أعقبه استبعاد منصور من رئاسة النادي بقرار من وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي، وإسقاطه في الانتخابات عن دائرة ميت غمر بمحافظة الدقهلية.
وفي 18 فبراير/شباط الماضي، أعلن حزب الجبهة الوطنية، المحسوب على رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، اختيار وزير الإسكان السابق عاصم الجزار رئيساً للحزب. واختير نجل العرجاني عصام ضمن هيئته التأسيسية، التي ضمت أشخاصاً سبق أن أدينوا في قضايا مخلة بالشرف، مثل النائب الحالي سليمان وهدان، ورجل الأعمال أيمن الجميل المدان في القضية المعروفة إعلامياً باسم "فساد وزارة الزراعة".
ودشن حزب الجبهة على غرار تجارب سابقة في إنشاء كيانات سياسية موالية، مثل حزب مستقبل وطن الحائز للأغلبية النيابية، ومن قبله ائتلاف "في حب مصر" الذي برز على الساحة السياسية قبيل انتخابات 2015، بقيادة اللواء الراحل سامح سيف اليزل، الذي خدم في الحرس الجمهوري المصري والمخابرات الحربية والعامة قبل إحالته للتقاعد في عهد الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك.
