"خطيئة أخيرة": دراما مشتركة تُثقِلها الفوضى
Arab
4 hours ago
share

رغم التقدم الذي حققته الدراما العربية المشتركة في السنوات الأخيرة، لا يمكن تجاهل ما تشهده بعض هذه الأعمال من إخفاقات تُفرغها من مضمونها الفني، فتحوّلها إلى مجرد وسيلة رزق جماعية للكاتب والمخرج والممثلين، بعيدًا عن المعايير الأساسية للعمل الدرامي، من ناحية البناء، والتشكيل، والهوية.
في هذا السياق، يأتي مسلسل "خطيئة أخيرة" نموذجاً لدراما مشتركة متعثّرة. المسلسل من تأليف نور شيشكلي، وإخراج طارق زياد رزق، ويبدو منذ حلقاته الأولى يمثّل محاولةً لطرح قصة غامضة تحت عنوان "أسرار خفية" (كما كُتب على شارة البداية)، لكن النتيجة جاءت أقرب إلى فوضى درامية تفقد المشاهد تركيزه.

تغلب الكاتبة خيالها على أي منطق واقعي، وتقدم قصة تبدأ بتفاصيل متشعبة حول مجموعة من الأصدقاء، من دون أن توضّح طبيعة ارتباطهم ببعضهم بعضاً إلا بعد مرور أكثر من خمس حلقات. المشاهد يجد نفسه في فوضى من الأحداث المتقاطعة، تبدأ بحفل عيد ميلاد كارما (ريمي عقل) التي تتعرض إلى محاولة قتل وينقذها النادل هشام (سامر إسماعيل) في اللحظات الأخيرة.

يبدو واضحاً أن الكاتبة والمخرج يحاولان تأجيل كشف خيوط القصة بحجج "الإثارة والتشويق"، لكن ما يظهر للمشاهد هو تكرار لحكايات اجتماعية مستهلكة: خيانة، وزواج تحت ضغط العمر، وحرمان من الأمومة، وطلاق، وعصابات مخدرات، وأسرار تُروى بطريقة تشبه ألغاز المسلسلات القديمة، التي لم تعد تُقنع جمهوراً اعتاد الابتعاد عن النمطية والتقليد.

لعلّه كان من الأفضل لو قُدّم "خطيئة أخيرة" بوصفه مسلسلاً اجتماعياً سورياً بالكامل، خصوصاً وأن شركات الإنتاج في سورية تملك باعاً طويلاً في هذا النوع من الدراما الواقعية، من دون حاجة إلى المبالغات التي تضعف النص وتشتّت المتابعة. كما أن ضعف التناغم بين بعض الممثلين يزيد من الارتباك، إذ يبدو أن الشخصيات تُركت من دون ملامح واضحة، ما جعل أداء بعض الفنانين أقرب إلى محاولة لإيجاد هوية داخل نصّ محشو ومشاهد مطوّلة بلا ضرورة.

على مستوى الأداء، تسجّل الممثلة اللبنانية ريمي عقل حضوراً لافتاً في أول بطولة درامية لها، أمام كل من عمار شلق بدور والدها، وسامر إسماعيل بدور الحبيب المفترض. وتُظهر عقل موهبة تستحق الفرصة، في حين يحافظ كل من كارلوس عازار، وريم كفارنة، وهافال حمدي على مستوى جيد من الأداء.

ورغم أن الحكاية تحمل عناصر سبق طرحها مرارًا في الدراما العربية، كان بالإمكان تقديمها أفضل، ربما من خلال تكثيف الأحداث في حلقة افتتاحية واحدة واضحة ومتماسكة، ما كان سيقلّل من الالتباس ويوفّر على الشركة المنتجة "إيغل فيلمز" كماً من الانتقادات التي تطاول أعمالها أخيراً، سواء على مستوى النصوص أو التنفيذ، خاصة في ظل التحديات الإنتاجية في لبنان. في المحصلة، يبدو أن الرغبة في تحقيق عوائد مادية وغزو السوق الخليجي تبقى المحرّك الأساسي لعدد من الإنتاجات العربية المشتركة، على حساب جودة النص ورصانة البناء الدرامي.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows