هل يصمد اقتصاد إسرائيل بعد خسارة حوالى 4 مليارات دولار؟
Arab
4 hours ago
share

يشهد الصراع بين إيران وإسرائيل منذ فجر الجمعة الماضي تصعيدًا غير مسبوق، حيث يتبادل الطرفان إطلاق النيران في مشهد تتداخل فيه الهجمات الباليستية الإيرانية مع محاولات التصدي الإسرائيلية عبر أنظمة دفاع جوي متطورة. وعلى الرغم من اعتراض إسرائيل لبعض الصواريخ، إلا أن الكلفة الباهظة والمخاوف من استمرار المواجهات تثير تساؤلات حول قدرة الطرفين على الصمود طويلًا. ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، تشير التقييمات الاستخباراتية إلى أن إسرائيل قد تتمكن من الصمود ما بين عشرة أيام واثني عشر يومًا إضافيًا إذا استمرت الهجمات بالوتيرة الحالية، ما لم تحصل على دعم فوري أو إمدادات ذخائر من الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في بداية الأسبوع أن إسرائيل تتكبد نحو 2.75 مليار شيكل يوميًا (733.12 مليون دولار)، في مواجهتها العسكرية مع إيران، ما يعني أن استمرار العمليات حتى اليوم يُكلّف إسرائيل خسائر تقدّر بحوالي أربعة مليارات دولار، وذلك بحسب ما أفاد به المستشار المالي السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي عميد الاحتياط ريم أميناخ. وأوضح أن تكاليف اليومين الأولين من المواجهة بلغت نحو 5.5 مليارات شيكل (1.54 مليار دولار)، موزعة بالتساوي بين العمليات الهجومية والدفاعية، من دون احتساب الأضرار التي لحقت بالممتلكات المدنية أو التداعيات الاقتصادية الأوسع.

وأكد أن هذه التكاليف مباشرة فقط، ولا يمكن حتى الآن قياس التأثير غير المباشر، بما في ذلك أثر الحرب على الناتج المحلي الإجمالي. في المقابل، حددت وزارة المالية الإسرائيلية العجز المالي عند 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي (نحو 105 مليارات شيكل)، إلا أن هذا العجز لا يتضمن المواجهة الحالية مع إيران، في حين أن احتياطي الطوارئ قد استُنفد خلال حرب غزة. وقد خفضت الوزارة توقعاتها لنمو الاقتصاد في 2025 من 4.3% إلى 3.6%، وسط ترجيحات باستمرار استدعاء الاحتياط وتصاعد العمليات العسكرية.

عجز متفاقم واقتصاد في مهبّ الحرب

ويحذّر تقرير نشرته صحيفة "كالكاليست" في وقتٍ سابق من تفاقم الأزمة المالية في إسرائيل في ظل غياب خطة واضحة لتمويل الحرب الحالية، مؤكدًا أن العجز المُعلن في الموازنة العامة (4.9%)، لا يعكس الحجم الحقيقي للتكاليف، خاصة مع استبعاد نفقات الحرب مع إيران من الحسابات الرسمية، وهو ما وصفه التقرير بأنه "وهم مالي". ويشير المحلل الاقتصادي أدرين فيلوت إلى أن استمرار العمليات العسكرية، لا سيما مشروع السيطرة على غزة، يعني تصاعدًا متواصلًا في العجز وتضخم الدين العام، وهو ما يهدد بخفض إضافي للتصنيف الائتماني. وهذا الانخفاض سيجعل من الاقتراض الخارجي مهمة صعبة ومكلفة، ويقوّض ثقة المستثمرين الدوليين في السوق الإسرائيلية.

الأمن يبتلع الموازنة

ويشير التقرير إلى أن نفقات الأمن تواصل التهام الجزء الأكبر من الموازنة، مع استحالة تخفيضها في ظل التصعيد العسكري، ما يُجبر الحكومة على اتخاذ قرارات تقشفية تطاول قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. ويضيف التقرير أن إسرائيل، حتى قبل الحرب، كانت تنفق على الخدمات المدنية أقل بما بين ثلاثة وأربع نقاط مئوية من متوسط إنفاق دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وبالتالي فإن أي تقليص إضافي قد يؤدي إلى تدهور اجتماعي متدرج. كما يحذّر التقرير من تصاعد العزلة السياسية لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشيرًا إلى أن أي تصعيد إضافي سيزيد نفور المستثمرين الدوليين.

فالصورة السائدة اليوم في الأسواق هي أن البيئة السياسية والأمنية في إسرائيل تُشكل خطرًا على الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام. ويتوقع استمرار ضعف النمو في الناتج المحلي، محذرًا من أن التحسّن الطفيف في الإيرادات الضريبية في بداية العام الجاري لا يُمثّل تحولًا اقتصاديًا حقيقيًا، بل نتيجة استثنائية لنشاط مؤقت لن يصمد أمام ضغوط الحرب وتراجع الثقة. وفي هذا السياق، يُرجّح أن تلجأ الحكومة قريبًا إلى رفع الضرائب، ما يفاقم الضغط على القطاع الخاص والمستهلكين في ظل ارتفاع كلفة المعيشة.

نفقات باهظة في ظل غياب خطة مالية

وفيما تستمر الهجمات الباليستية الإيرانية، تشير تقديرات صحيفة "ذا ماركر" إلى أن كلفة الدفاع الصاروخي وحده تصل إلى مليار شيكل يوميًا (285 مليون دولار). ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع أن الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية بدأت تواجه ضغوطًا متزايدة، ما قد يدفع الجيش إلى ترشيد استخدام صواريخ الاعتراض. وتُعد صواريخ "آرو" باهظة الثمن (ثلاثة ملايين دولار للواحد)، خيارًا دفاعيًا مرهقًا ماديًا، لا سيما أن فاعلية القبة الحديدية تتراجع أمام الصواريخ الإيرانية المتطورة.

وبحسب قناة 13 الإسرائيلية، يواجه الاقتصاد المحلي حالة من الشلل، حيث أُغلقت المتاجر وسُجلت أضرار مباشرة على الجبهة الداخلية، بينما تُقدَّر خسائر الإغلاق الاقتصادي اليومي بمليار شيكل. كما تجاوز عدد المطالبات المقدمة لضريبة الأملاك 18 ألفًا، وبلغت قيمة الأضرار المقدّرة بعد خمسة أيام فقط من القتال نحو ملياري شيكل.

وتشير التقديرات إلى أن كلفة الحرب قد تراوح بين 50 و100 مليار شيكل، بحسب مدتها. كما يُتوقَّع أن تصل التعويضات للأعمال التجارية وشركات الطيران وغيرها إلى عشرة مليارات شيكل. ووفق "يديعوت أحرونوت"، بلغ صافي السحوبات من صندوق التعويضات ثلاثة مليارات شيكل حتى مايو/أيار 2025، في حين صرف الصندوق 2.4 مليار شيكل حتى الفترة ذاتها، وسط توقعات بزيادة الحاجة إلى تمويل إضافي.

خطر على التصنيف الائتماني واقتراض مكلف

في تقرير لصحيفة "كالكاليست"، يُحذّر المحلل الاقتصادي أدرين فيلوت من تفاقم الأزمة المالية في ظل غياب خطة لتمويل الحرب، وأشار إلى أن استثناء نفقات الحرب من الحسابات الرسمية يجعل العجز "وهمًا ماليًا"، ويرجح أن استمرار العمليات العسكرية، لا سيما في غزة، سيؤدي إلى تصاعد العجز وتضخم الدين العام، ما يهدد بخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل. وستترتب على ذلك صعوبة في الاقتراض وزيادة في كلفته، إضافة إلى تراجع ثقة المستثمرين الدوليين. ويبرز التقرير أن نفقات الأمن تستهلك الجزء الأكبر من الموازنة، ما يُجبر الحكومة على تقليص نفقات قطاعات حيوية كالصحة والتعليم.

وقد كانت إسرائيل قبل الحرب تنفق على الخدمات المدنية أقل من متوسط إنفاق دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وأي خفض إضافي قد يفاقم التدهور الاجتماعي تدريجيًا. ويُحذّر التقرير من اتساع العزلة السياسية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث باتت الأسواق تنظر إلى إسرائيل باعتبارها بيئة سياسية وأمنية غير مستقرة. وتُظهر التوقعات استمرار ضعف النمو الاقتصادي، بينما قد تضطر الحكومة إلى زيادة الضرائب قريبًا، ما سيزيد الضغط على القطاع الخاص والمواطنين، وسط ارتفاع تكاليف المعيشة.

الاقتصاد الإسرائيلي يعاني شللاً شبه كامل

وعلى نحو منفصل، صرف صندوق التعويضات التابع لسلطة الضرائب الإسرائيلية، والذي يدفع ثمن الأضرار التي لحقت بالممتلكات المدنية، 2.4 مليار شيكل (674.72 مليون دولار)، من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار 2025. وبلغ صافي السحوبات من الصندوق ثلاثة مليارات شيكل (843.4 مليون دولار)، ويرجح المسؤولون أن تكون ثمة حاجة إلى تمويل إضافي، بالنظر إلى الأضرار الجسيمة المُبلَّغ عنها في مواقع متعددة، بحسب وزارة المالية الإسرائيلية. ومن التكاليف الإضافية المترتبة على الدولة، التعويضات الفردية التي تعهّدت الدولة بمنحها لكل شخص اضطر إلى إخلاء منزله، والتي تساوي نحو 7000 شيكل، ما يوازي نحو 2000 دولار، بحسب "معاريف".

من جهة أخرى، ذكر موقع "كالكاليست" الإسرائيلي أن شركة "سونول"، وهي إحدى كبرى شركات توزيع الوقود في إسرائيل، توجّهت إلى عملائها التجاريين في أعقاب الضرر الذي لحق بشركة "بازان" بسبب القصف الإيراني الذي أدى إلى تعطيل منشآت مصفاة النفط في حيفا. وأعلنت الشركة أنه "في ظل هذا الوضع، وبسبب هذه الظروف الخارجة عن إرادتنا، نضطر لإبلاغكم بأننا سنقوم بتقليص أو إيقاف تزويد الوقود لعملائنا".

وقال الموقع في تقرير له إنّ مصفاة حيفا هي المصدر الوحيد للوقود لشركة "سونول"، وفي أعقاب الهجوم الصاروخي من إيران، تم إغلاق مرافق الشركة بالكامل وقُتل ثلاثة موظفين كانوا في المنشأة. علمًا أن شركة "بازان" مسؤولة عن إنتاج 60% من وقود الديزل للنقل في إسرائيل، ونحو نصف البنزين المستخدم في البلاد.

وكشف موقع "بيزبورتال" العبري أن إسرائيل أنفقت في أول ثلاثة أيام من الحرب ضد إيران نحو 2.2 مليار دولار، بمتوسط يومي 750 مليون دولار، وبالتالي سيكون المتوسط 4.5 مليارات دولار حتى اليوم السادس. ووفق التقرير الإسرائيلي، فإن نصف هذا الإنفاق يُخصص للأنشطة الهجومية من الجو والبحر، والنصف الآخر للدفاع وتعزيزات الاحتياط. ومن المتوقع أن تكون الكلفة الإجمالية الحقيقية أعلى من ذلك بكثير، لكن الأضرار غير المباشرة لا تزال غير قابلة للقياس حتى الآن.

الشيكل تحت الضغط وتداعيات إقليمية محدودة

وسط هذا التصعيد، تزايدت الضغوط على العملة الإسرائيلية، حيث سجّل الشيكل تراجعًا ملحوظًا أمام الدولار خلال الأيام الأولى من القصف، في ظل تنامي القلق من انكشاف الاقتصاد أمام أعباء إضافية. وقد بدا واضحًا أن استمرار المواجهات يهدد الاستقرار النقدي، خصوصًا في ظل تحذيرات من تآكل الثقة بالمركز المالي لإسرائيل واتساع فجوة الحساب الجاري. كما أن القطاعات الحساسة مثل التكنولوجيا والخدمات المالية باتت أكثر عرضة للتقلبات نتيجة إحجام الاستثمارات الخارجية وتراجع بيئة الأعمال.

وفي حين تأثرت الأسواق المالية في إسرائيل بشكل مباشر، بدت البورصات الإقليمية أكثر تماسُكًا، رغم المخاوف من امتداد تداعيات الحرب. حافظت المؤشرات الخليجية على استقرار نسبي، باستثناء تراجع في أسهم قطاعات السفر والنقل، فيما صعدت أسعار النفط بشكل طفيف مدفوعة بالمخاوف من اضطرابات محتملة في إمدادات الطاقة أو الملاحة في شرق المتوسط. ومع ذلك، تبقى النظرة العامة في الأسواق الإقليمية حذرة، تترقب مجريات الأحداث لحظة بلحظة، من دون الدخول في موجة ذعر مالي شاملة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows