
استهدفت إيران، فجر اليوم الخميس، مركز المال الإسرائيلي بصاروخ باليستي استهدف مبنى بورصة تل أبيب بمنطقة رمات غان، ضمن هجمة صاروخية قصفت أيضا مواقع استراتيجية داخل إسرائيل، في تطور نوعي لافت للحرب المفتوحة المستمرة منذ سبعة أيام بين إسرائيل وإيران. وجاء القصف الإيراني لبورصة تل أبيب عقب ساعات من هجوم سيبراني إسرائيلي استهدف منصة "نوبیتكس"، أكبر بورصة عملات مشفرة في إيران، نتج عنه سرقة نحو 81.7 مليون دولار على مرحلتين، وفقاً لموقع "كوين تيليغراف". هو تطور يعكس تصعيداً متبادلاً بين طهران وتل أبيب يشمل البنية المالية والتقنية بين الطرفين، حيث قالت مصادر إيرانية إن الرد استهدف "مركز القرار المالي"، بينما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن مبنى البورصة تعرض لأضرار مباشرة، دون توقف عمليات التداول.
اللافت أن بورصة تل أبيب افتتحت جلسة الخميس بمؤشرات مرتفعة رغم القصف، فقد سجل مؤشر TA‑125 ارتفاعاً بنسبة 0.5% إلى 2,574.89 نقطة، وهو أعلى مستوى له خلال 52 أسبوعاً. كما صعد مؤشر TA‑35 إلى 2,810.85 نقطة، فيما واصل مؤشر السندات المركبة Tel-Bond Composite صعوده المستقر عند +0.1%. ويرى محللون أن صعود مؤشرات بورصة تل أبيب رغم القصف يعكس ردة فعل منسقة بين المستثمرين والبنك المركزي، الذي أعلن استمرارية عمل أنظمة الدفع والتسوية دون تأثر. كما أن السيولة المحلية، خصوصاً من صناديق التقاعد والبنوك، دعمت الاتجاه الصعودي عبر تعزيز الطلب على الأسهم الممتازة، ما خفف من أثر الانفجار المادي على المعنويات السوقية.
ورغم الأداء الإيجابي لبورصة تل أبيب رغم القصف الإيراني، فإن البيانات المؤسسية تكشف فجوة خطيرة في الشفافية. فقد كشفت صحيفة "كالكاليست" العبرية عن امتناع عشرات الشركات عن الإبلاغ عن الخسائر التشغيلية الناتجة عن القصف أو تعليمات الإغلاق. فشركات مثل ميليسرون، أزريلي، بيج (العاملة في مراكز التسوق الكبرى)، بالإضافة إلى فوكس، كاسترو، جولف (قطاع التجزئة)، أوقفت أنشطتها جزئياً أو كلياً، لكنها لم تصدر أي بلاغ إلى المستثمرين. الأمر نفسه ينطبق على شركات الطاقة مثل "دور ألون"، التي تعتمد على الوقود المكرر من مصافي بازان -التي تعرضت بدورها لأضرار- لكنها لم تفصح عن ذلك في نظام بورصة تل أبيب. ويثير هذا الصمت تساؤلات جدية عن مدى التزام هذه الشركات بقواعد الإفصاح الإجباري في ظل ظروف حرب، ويطرح علامات استفهام حول دور هيئة الأوراق المالية التي اكتفت بتذكير الشركات بمبادئ الإبلاغ دون إلزامها بذلك فعلياً.
ويمثل مبنى بورصة تل أبيب (TASE) رمزاً مركزياً للاقتصاد الإسرائيلي، ويقع في قلب منطقة الأعمال الحديثة. ووفق المحللين، فإن استهدافه يعد رسالة استراتيجية من طهران، مفادها أن مراكز المال والقرار الاقتصادي لم تعد خارج نطاق الرد الإيراني. وقالت إيران إن استهداف بورصة تل أبيب جاء في سياق "الرد المتكافئ" على الضربة السيبرانية التي استهدفت منصة "نوبيتكس" للعملات الرقمية، والتي تعد أداة أساسية لطهران في تجاوز العقوبات الأميركية عبر التحويلات الرقمية العابرة للحدود. وأعلنت مجموعة قراصنة تابعة لإسرائيل "العصفور المفترس" (بريداتوري سبارو)، مسؤوليتها عن الهجوم على المنصة، بالإضافة إلى هجمات سابقة على بنك "سبه" المرتبط بالحرس الثوري.
وتجمع مراكز التحليل المالي، مثل "I-BI" و"مئير أوغن للاستشارات"، على أن الأسواق الإسرائيلية قد تتحمل ضربة واحدة رمزية، لكن استمرار استهداف البنية المالية، سواء إلكترونياً أو صاروخياً، سيؤدي إلى موجة تصحيح قاسية. ويخشى البعض أن يمتد الهجوم إلى أنظمة الدفع الإلكتروني، والبنوك المركزية، أو شبكات الكهرباء المرتبطة بالبنية المصرفية، ما يعرض اقتصاد إسرائيل لهزات غير محسوبة. وفي المقابل، يرى آخرون أن الرد المؤسسي السريع، والقدرة على إدارة الأزمة بصمت تقني، منحت السوق نوعاً من "المناعة النفسية"، وقد توظف سياسياً لتثبيت صورة "الاقتصاد غير القابل للكسر"، كما حدث في واشنطن بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول.

Related News

