ثقوب في موازنة إسرائيل... تكاليف باهظة لاعتراض صواريخ إيران
Arab
3 hours ago
share

أحدثت الصواريخ التي أطلقتها إيران على إسرائيل منذ بدء العدوان عليها، ثقوباً في موازنة الاحتلال، إذ تخطت تكاليف اعتراض الهجمات في خمسة أيام ما تكبدته إسرائيل خلال قرابة عامين من الحرب ضد قطاع غزة وحزب الله اللبناني، فيما يشير محللون إلى مخاوف من استمرار "اقتصاد الاعتراض" لفترة أطول، وسط تدرج إيران في استخدام مقذوفات أشد فتكاً وأعلى كلفة على الجيش الإسرائيلي لإسقاطها.

وألحقت الصواريخ التي أطلقتها إيران منذ يوم الجمعة الماضي، رداً على العدوان الإسرائيلي فجر ذلك اليوم، أضراراً غير مسبوقة في إسرائيل، وتُجبر جيش الاحتلال على اتباع نهج انتقائي في عمليات الاعتراض في ظل التكاليف المرتفعة لذلك وعدم استنزاف مخزونه من الصواريخ الاعتراضية.

ورغم أن الحكومة الإسرائيلية تشير إلى أن تقديرات الخسائر لا تزال في نطاق 10% فقط من المتوقع وفق السيناريو الذي توقعته من الرد الإيراني، إلا أن محللين يؤكدون أن الخوف هو أن تُطلق إيران صواريخ أكثر فتكاً، قادرة على حمل أطنان من المتفجرات، ما يرفع كثيراً من تكاليف اعتراض الصواريخ والخسائر المباشرة وغير المباشرة التي تلحقها بالمناطق التي تسقط فيها والاقتصاد بشكل عام. وفي غضون ذلك، زادت شركتا "الصناعات الجوية" و"رافائيل" الإسرائيليتان من معدل إنتاج الصواريخ الاعتراضية.

وخلال اليومين الأولين فقط من اندلاع الضربات، اللذين اتسما بوابل صاروخي كثيف نسبياً على إسرائيل، ساد إجماع داخل المؤسسة العسكرية على ضرورة اتباع نهج انتقائي في عمليات الاعتراض. ويعود ذلك، من بين أمور أخرى، إلى اعتبارات تتعلق بالإدارة الكاملة للصواريخ الاعتراضية وضرورة الحفاظ عليها في ظل توقعات استمرار الحرب فترة أطول.

وقال قائد الدفاع الجوي السابق، العميد احتياط ران كوخاف، في تصريحات لصحيفة كالكاليست الإسرائيلية إن إدارة اقتصاد التسلح جزء أساسي من سياسة الدفاع الجوي، وينطبق هذا على حالة التوافر العالي للصواريخ الاعتراضية، مثل صواريخ منظومة القبة الحديدية، التي تُعتبر صواريخ رخيصة نسبياً وتُنتج بكميات كبيرة، وينطبق أيضاً على الأسلحة الأخرة التي تُنتج بكميات قليلة، مثل صواريخ "حيتس 2 و"حيتس 3" و"مقلاع داود".

وتعتمد إدارة اقتصاد الاعتراض على قائمة طويلة من الاعتبارات، منها درجة الكثافة السكانية في المنطقة التي يُتوقع أن يضربها الصاروخ، إذ إن احتمال وقوع إصابات وأضرار جسيمة في مدينة تقع في وسط البلاد أعلى بكثير منه في بلدة صغيرة ومعزولة نسبياً. ومن بين الاعتبارات أيضاً مواقع المنشآت الاستراتيجية، وتلك الضرورية لاستمرارية قتال الجيش الإسرائيلي واستمرارية الاقتصاد.

وأشار كوخاف: "في مثل هذه العمليات، تبرز معضلات على جميع المستويات، وتشمل أيضاً مطابقة الأسلحة للهدف"، موضحاً: "إذا كنا نعلم أن صاروخاً يُطلق من لبنان باتجاه نهاريا يمكن اعتراضه بواسطة صواريخ حيتس 2 وحيتس 3 أو مقلاع داود أو القبة الحديدية، فإننا نفضل توجيه صاروخ القبة الحديدية الاعتراضي نحوه".

ومنذ بداية الحرب، أطلقت إيران نحو 400 صاروخ على إسرائيل، يحمل كل منها رأساً حربياً يزن مئات الكيلوغرامات من المتفجرات، مما يُفسر الدمار غير المسبوق الذي لحق بالمدن الإسرائيلية. ووفقاً للتقديرات، تم اعتراض حوالي 90% من الصواريخ التي أطلقتها إيران، خاصة بواسطة صواريخ "حيتس 2" و"حيتس 3". أما الصواريخ التي اخترقت طبقات الدفاع الجوي ولم يتم اعتراضها في طريقها من إيران، فقد تسببت في أضرار جسيمة، لا سيما في تل أبيب وحيفا.

ولا يكشف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن حجم مخزونه من الصواريخ الاعتراضية، والتي أطلق منها الآلاف حتى الآن من مختلف الأنواع على جميع الجبهات منذ بداية الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ومنذ اندلاع الحرب، زادت إسرائيل من إنتاج الصواريخ بشكل ملحوظ، وفق تقرير "كالكاليست"، إذ تُصنّع صواريخ "حيتس" من قِبل شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، بينما تُصنّع صواريخ القبة الحديدية و"مقلاع داود" الاعتراضية من قِبل شركة رافائيل.

صواريخ "حيتس 2"، التي استُخدمت لاعتراض الصواريخ التي أطلقتها إيران على إسرائيل في إبريل/ نيسان وأكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وللتصدي للصواريخ التي أطلقها الحوثيون من اليمن، هي من مخزون قديم كان متاحاً لمنظومة الدفاع الجوي. واليوم، توقفت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية عن إنتاجها، وتُركز على إنتاج صواريخ "حيتس 3"، بينما تُجري حالياً مراحل متقدمة من تطوير صواريخ "حيتس 4".

ويقدر سعر صاروخ "حيتس 3" بنحو 2.5 مليون دولار، وقد قدّمت وزارة الدفاع الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة طلباً ضخماً بمليارات الشواكل إلى شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (آي ايه آي) تمهيداً لشراء صواريخ إضافية من هذا النوع على نطاق واسع. ولم يُكشف عن حجم الطلبية، وفق الصحيفة الإسرائيلية.

ووسّعت إسرائيل نطاق عمل منظومة "مقلاع داود" بشكل ملحوظ لصد الضربات الإيرانية، رغم أنها لم تُصمّم للتصدي للصواريخ الباليستية كتلك التي جرى إطلاقها خلال الأيام الماضية. وقال مسؤول أميركي إن صواريخ منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية "حيتس" المستخدمة لاعتراض الصواريخ الباليستية الإيرانية "على وشك النفاد"، وفق ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال المحلية. وأكد المسؤول أن الولايات المتحدة تدرك هذا الوضع، "ولذلك اتخذت خطوات لتعزيز دفاع إسرائيل براً وبحراً وجواً ضد الهجمات التي ستتعرض لها".

وأشار إلى أن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أرسلت أنظمة دفاعية إلى إسرائيل منذ بدء هجماتها على إيران، لكنه لفت إلى أن الصواريخ الاعتراضية الموجودة في المخزون الأميركي معرضة أيضاً لخطر النفاد.

ووفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، بلغت الأضرار المباشرة الناجمة عن الصواريخ الإيرانية، التي أصابت مئات المباني والبنى التحتية والسيارات والممتلكات العامة، أكثر من ملياري شيكل خلال ستة أيام، بينما بلغت الأضرار المباشرة خلال ما أطلق عليه جيش الاحتلال حرب "السيوف الحديدية" على قطاع غزة وجنوب لبنان منذ 7 أكتوبر 2023 نحو 2.5 مليار شيكل (حوالي 714 مليون دولار).

ومنذ اندلاع الحرب مع إيران، وصل أكثر من 80 فريقاً من صندوق تعويضات ضريبة الأملاك، برفقة مهندسين ومقيّمين، إلى حوالي 300 موقع مختلف سقطت فيها صواريخ من إيران، أو تضررت ممتلكاتها بسبب الصواريخ الاعتراضية. وتُقدم هذه الفرق المساعدة الأولية للإسرائيليين الذين تضررت منازلهم وممتلكاتهم، بالتعاون مع ممثلي السلطات المحلية العاملة على الأرض.

حتى الآن، تلقت الخطوط الساخنة لصندوق التعويضات 22932 مطالبة منذ بداية الحرب، منها 18890 مطالبة تتعلق بأضرار في المباني، و1827 مطالبة تتعلق بأضرار في المركبات، و2215 مطالبة تتعلق بأضرار في المحتويات والممتلكات الأخرى، وجرى إجلاء ما يقرب من خمسة آلاف شخص من منازلهم، وفق الصحيفة، التي أشارت إلى أن هناك مئات الإسرائيليين الذين تضررت ممتلكاتهم، ولكنهم لا يعلمون بذلك حتى الآن بسبب سفرهم أو بسبب وجودهم خارج منازلهم، ولذلك فإن هناك توقعات بأن عدد المطالبات ومبلغ الأضرار سيزدادان، بغض النظر عن الأضرار المستقبلية.

وتبدو أضرار الممتلكات وتكاليف اعتراض الصواريخ الإيرانية أقل بكثير من الأضرار الفعلية التي لحقت بقطاعات حيوية في إسرائيل والتي يجري التعتيم على معظمها من جانب سلطات الاحتلال.

وأدت الضربات الإيرانية إلى كشف نقاط ضعف قطاع الطاقة الإسرائيلي، حيث تم إغلاق مصافي التكرير في حيفا وأشدود، وتم خفض إنتاج الغاز، فيما تتفاوت المخزونات التشغيلية بين شركات الوقود، وسط ارتفاع التكلفة الاقتصادية لتوقف الصادرات.

وتُعدّ التهديدات التي تتعرض لها مرافق البنية التحتية من أبرز المخاوف في زمن الحرب، وفق تقرير منفصل لصحيفة كالكاليست. وقد سبّب الهجوم على مصفاة بازان قبل أيام، أضراراً بمحطة توليد الطاقة في المجمع، وأدى إلى إغلاق عام لجميع مرافق المجموعة، ولا يزال من غير الواضح حتى الآن موعد عودة "بازان" إلى العمل.

تشتري شركة بازان النفط الخام وتحوله إلى منتجات وقود متنوعة، مثل البنزين والديزل. وتتولى الشركة، التي تتخذ من خليج حيفا مقراً لها، مسؤولية إنتاج حوالي 60% من وقود الديزل المستخدم في النقل، وحوالي نصف البنزين المُباع في إسرائيل. وقد وضعت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" شركة بازان، يوم الثلاثاء الماضي، على قائمة المراقبة، مما قد يُسبب لها آثاراً سلبية. وأشارت الوكالة إلى الضرر الذي لحق بمرافق الشركة، ومدة إغلاقها، وتأثير ذلك على عملياتها ونتائجها المالية.

بالإضافة إلى "بازان"، تعمل مصفاة أشدود الأصغر حجماً، وهي مسؤولة عن تكرير ما بين 35% و40% من وقود إسرائيل. والمصفاة متوقفة حالياً أيضاً بسبب أعمال الصيانة الدورية المجدولة، ولا تزال خاصعة لذلك على الرغم من الأضرار التي لحقت بمصفاة بازان.

وقال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين لـ"رويترز"، أمس الأربعاء، إن مصافي النفط المتضررة في حيفا من المتوقع أن تعود للعمل خلال 30 يوماً، مضيفاً أن إسرائيل ستستأنف صادراتها من الغاز الطبيعي عندما يمنحها الجيش الإذن بذلك. وأكد أن احتياجات إسرائيل من الطاقة لها الأولوية حالياً على الصادرات.

وتعمل ثلاث منصات في سوق الغاز الإسرائيلي: كاريش وليفياثان وتمار. وفي الساعات الأولى بعد العدوان على إيران، صدرت تعليمات لوزارة الطاقة بوقف إنتاج الغاز من ليفياثان وكاريش والاعتماد على إنتاج الغاز من تمار فقط لأغراض الاستهلاك المحلي.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows