
لم يصدر الكونغرس الأميركي إعلانا رسميا للحرب منذ الحرب العالمية الثانية، وهي السلطة التي يتمتع بها في ما يخص إعلان الحروب طبقا للدستور الأميركي، ولكن رغم ذلك قامت الولايات المتحدة بعدة حروب على مدار العقود الماضية أبرزها حرب العراق والحرب في أفغاستان وعشرات الضربات العسكرية بما فيها قتل أسامة بن لادن وضربات ضد تنظيم "داعش" في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، وكان آخرها الضربات العسكرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن التي أمر بها الرئيس الحالي دونالد ترامب مؤخرا.
ولدى الكونغرس السلطة الوحيدة لإعلان الحرب، ويمكن للرئيس استخدام القوة العسكرية ضد إيران في ظل التصعيد الحالي بينها وبين إسرائيل دون موافقة الكونغرس في حالات دفاعية محددة، لكن استمرارها يتطلب موافقة الكونغرس، بينما تزاديت في السنوات الأخيرة التساؤلات حول مدى سلطة الرئيس في التدخل في صراعات خارجية دون موافقة السلطة التشريعية، ووجهت انتقادات حادة لترامب نفسه في ولايته الأولى بعد أن أصدر قرارا بقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني دون إخطار الكونغرس، غير أنه أشار إلى أنها لحماية المصالح الأميركية وحماية الأمن القومي.
ويمنح الدستور الأميركي طبقا للمادة الأولى (القسم 8) الكونغرس سلطة إعلان الحرب، بينما للرئيس طبقا للمادة الثانية (القسم 2) بصفته القائد الأعلى سلطة توجيهه ضربة عسكرية. ونفذ الرؤساء عمليات عسكرية دون إذن من الكونغرس معتمدين على سلطتهم التنفيذية أو مدعين وجود تهديدات للأمن القومي.
ما الذي قد يحدث إذا هاجم ترامب إيران؟
يجادل البعض بأن قانون تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2001 قد يشمل إيران، لكن المعارضين يشيرون إلى ضعف ارتباط القاعدة بإيران وبالتالي لا ينطبق عليها. وينص القانون على أن الرئيس يجب أن يخطر الكونغرس بالأسباب، وحال وافق الكونغرس على قرار الرئيس لا يجب أن تستمر الضربة أكثر من 60 يوما. أما إذا رفض الكونغرس قرار الرئيس، فيعطيه القانون 30 يوما إضافية كحد أقصى لإنهاء ضربته دون موافقة الكونغرس، لكن دائما لا يوجد امتثال لهذا القانون.
وإذا كانت ضربة سريعة، فقد يمارس ترامب نفس السياسة التي استخدمها لتبرير ضربته الجوية التي قتلت قاسم سليماني، ويعتبر أنها إجراء ضروري لحماية المصالح الأميركية ويستمر لمدة قصيرة، أو قانون تفويض الحرب إذا قرر الاستمرار لمدة أطول، لكن حربا عسكرية طويلة قد تواجه تحديات قانونية ودستورية دون موافقة الكونغرس.
الكونغرس قدم تفويضا للرئيس بعد هجوم 11 سبتمبر
على مدار سنوات، تنازل الكونغرس عن إجراء من سلطته بما يخص الحروب والضربات الخارجية، وكان هجوم 11 سبتمبر/ أيلول 2001 هو العام الذي قدم فيه الكونغرس تفويضا للرئيس منحه سلطة استخدام القوة العسكرية ضد مسؤولين أو جماعات أو كيانات تؤوي إرهابيين (تشمل الدول)، وفي العام التالي للهجوم، أصدر الكونغرس قرارا آخر أجاز استخدام القوة العسكرية ضد العراق بسبب مخاوف انتشار أسلحة الدمار الشامل، والتي ثبت لاحقا عدم وجودها، ولكن ذلك جاء بعد تدمير العراق ونشر الفوضى في المنطقة بأكملها والتي لا تزال تعاني منها حتى اليوم.
استخدم هذان التفويضان لتبرير مجموعات واسعة من الإجراءات العسكرية منذ ذلك الحين بما في ذلك حملة الرئيس الأسبق باراك أوباما ضد تنظيم "داعش" في 2014، ورغم انتقادات أعضاء من كلا الحزبين لهذا النطاق الواسع من الصلاحيات الذي يمنح السلطة التنفيذية قدرة على اتخاذ القرارات التي تقع على عاتق الكونغرس، غير أن الانقسام الحزبي لم يسمح بإلغاء هذه القوانين، إذ إنه في 2023 رفض مجلس النواب إلغاء التفويض المسبق رغم نجاح تمريره في مجلس الشيوخ بمشاركة السيناتور آنذاك جي دي فانس، الذي أصبح نائبا للرئيس الحالي.
أعضاء يسعون لتقليص صلاحيات ترامب لشن حرب دون موافقة
بدأ مشرعون جمهوريون وديمقراطيون التحرك للحد من قدرة ترامب على شن حرب بالشرق الأوسط وتحديداً في إيران، مجادلين بأن قرار المشاركة في الحرب ليس قراراً يجب أن يكون متروكاً للرئيس. وليس من المتوقع تمرير هذه القرارات في ظل السيطرة الجمهورية على مجلسي النواب والشيوخ، إضافة إلى تلقي أعضاء ديمقراطيين وجمهوريين تمويلات من منظمة إيباك الداعمة لإسرائيل، غير أنها تلقي الضوء على الانقسام الحاد في الكونغرس؛ وسط مطالب بعدم الاستجابة لضغوط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتوريط الولايات المتحدة في هجومها على إيران.

Related News
