
هدّدت فصائل عراقية مسلحة حليفة لإيران، من أنها ستتدخل عسكريا في حال دخول واشنطن بالحرب التي تخوضها إسرائيل ضد طهران، وسط تحذيرات من جهات عراقية مختلفة من خطورة دخول تلك الفصائل على خط المواجهة لما يعرض العراق لمخاطر مختلفة.
أبرز تلك الفصائل العراقية التي هددت وفقا لبيانات رسمية منها، أو مواقف صدرت عن قيادات بارزة فيها، خلال الأيام الثلاثة الماضية هي "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"حركة أنصار الله الأوفياء"، و"كتائب الإمام علي"، و"حركة النجباء".
وجاءت تهديدات الفصائل الحليفة لإيران، في ظل حالة ترقب وتخوف في العراق من إمكانية جرّ البلاد إلى دائرة الحرب، خاصة أن الطيران الإسرائيلي يخترق بشكل يومي الأجواء العراقية، ولا توجد ضمانات حقيقية تؤكد أن الفصائل الموالية لإيران ستواصل سياسة النأي بالنفس مهما حدث من تطورات ميدانية.
وحذّر الناطق باسم جماعة "عصائب أهل الحق"، جواد الطليباوي، من أنهم سيدخلون على خط المواجهة الحالية في حال تدخلت واشنطن. وقال الطليباوي، في بيان، الأحد الماضي: "نحذر الإدارة الأميركية من تبعات أي مشاركة عسكرية إلى جانب حليفها الإسرائيلي في استهداف إيران الإسلامية"، مضيفاً أن "الحقائق قد انجلت ولم يعد هناك مجال للتراجع". وأضاف: "نجدد إعلان البيعة والعهد الثابت لنائب الإمام المهدي أرواحنا فداه ولي أمر المسلمين (المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي) وقائد المقاومة ضد الاستكبار العالمي، نقدم أرواحنا دفاعاً عن الإسلام وأهله ضد المعتدين الصهاينة".
في المقابل، هددت "كتائب حزب الله" في العراق، باستهداف المصالح والقواعد الأميركية المنتشرة في المنطقة في حال تدخلت واشنطن عسكرياً في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، وفقا لبيان أصدرته الجماعة، أول من أمس الاثنين.
فيما أصدر المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء"، الشيخ كاظم الفرطوسي، بياناً أكد فيه أن "العدوان الإسرائيلي ليس موجهاً ضد إيران وحدها، بل يمتد ليشمل المنطقة بأكملها، وبالتالي فإن العراق لن يكون في مأمن إذا استمرت وتيرة التصعيد بهذا الشكل"، مهددا بالتحرك في حال تم استخدام القوات الأميركية العراق منطلقا للهجمات على إيران.
— ابو الاء الولائي (@aboalaa_alwalae) June 11, 2025
وبحسب مصدر مسؤول في "هيئة تنسيقية المقاومة"، التي تجمع أبرز الفصائل المسلحة الحليفة لإيران فإن "قادة الفصائل على تواصل بشكل يومي لمتابعة ومناقشة تطورات الحرب ما بين إيران وإسرائيل وهناك تواصل ما بين تلك القيادات والمسؤولين في إيران بشكل شبه يومي". وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه أن "الفصائل العراقية اتخذت قرارا بدخول المواجهة المباشرة في حال تدخلت أميركا في الحرب الدائرة حاليا بين إيران وإسرائيل، وأبلغت الحكومة العراقية بذلك وكذلك تم إبلاغ القيادة الإيرانية وهناك ترحيب وموافقة على ذلك من قبل طهران"، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن المصالح الأميركية في العراق، سيتم استهدافها، في حال دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة الحالية".
الناشط السياسي والمقرب من التيار الصدري، مجاشع التميمي، قال لـ"العربي الجديد"، إن "تهديد بعض الفصائل المسلحة بدخول الحرب في حال تدخلت الولايات المتحدة ليس مجرد تهديد إعلامي، بل يحمل قدراً من الجدية، نظراً لطبيعة ارتباط هذه الفصائل بالمحور الإقليمي الداعم لإيران ومع ذلك، فإن الدولة العراقية تفضل التهدئة وعدم الانزلاق إلى حرب إقليمية".
وبين التميمي أن "تدخل الفصائل سيضع العراق في موقع حرج، إذ قد يؤدي إلى تحويل أراضيه إلى ساحة صراع بالوكالة، ما يعرض السيادة العراقية للخطر، ويزيد احتمالات الاستهداف العسكري للمواقع داخل البلاد، خاصة من قبل القوات الأميركية أو الإسرائيلية". وحذر من أن "دخول الفصائل العراقية على خط المواجهة، قد يؤدي إلى انهيار الأمن الداخلي، وتهديد الاستقرار السياسي والاقتصادي، وخلق حالة من الاستقطاب الشعبي والطائفي، وهو ما تحذر منه الحكومة وتسعى جاهدة لتجنبه عبر ضبط المواقف وتفعيل الدبلوماسية لدرء التصعيد".
بالمقابل، قال المختص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء المتقاعد جواد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، إن الولايات المتحدة "قد حددت مشاركتها بالمعركة وهي تدرس ذلك في حال قيام إيران بضرب أهداف استراتيجية أميركية في المنطقة أي بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة، لكن إيران لحد الآن تتعاطى مع تداعيات الحرب لإعادة المفاوضات بسقف جديد من التنازلات أي أن سيناريو اشتراك الفصائل المسلحة في المعركة غير وارد".
وبين الدهلكي أن "الحكومة العراقية، برئاسة محمد شياع السوداني لغاية الآن فرضت السيطرة التامة على الفصائل المسلحة وتحركها، ولهذا هناك ضغط حكومي وحتى سياسي على تلك الفصائل لمنعها من الدخول في خط المواجهة، كما أن القيادة الإيرانية تريد اللجوء إلى التهدئة خلال المرحلة المقبلة وهذا ما يؤكد أنها لن تستخدم أذرعها بسبب شراسة المعركة الحالية".
ويتابع العراق بحذر التطورات الأمنية الخطيرة مع تواصل الحرب الإسرائيلية الإيرانية والتبادل الكثيف للهجمات، فيما تسعى الحكومة للحفاظ على الحياد ومنع اتساع نطاق الحرب التي يبدو أن الفصائل الموالية لطهران قد تشارك فيها، لا سيما مع استمرار الجيش الإسرائيلي بضرب منشآت مهمة وحيوية في المدن الإيرانية. وقال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في بيان عممه مكتبه، إن "الكيان الصهيوني يسعى إلى توسيع رقعة الحرب بالمنطقة من أجل رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط"، ما يؤكد وجود مخاوف من اتساع دائرة الحرب الحالية لتشمل الأراضي العراقية.
وسبق أن دعت الحكومة العراقية إلى اتخاذ خطوات رادعة لإيقاف الاعتداءات الإسرائيلية وطالبت مجلس الأمن بالانعقاد الفوري، بينما دان زعيم "التيار الوطني الشيعي" مقتدى الصدر استخدام الأجواء العراقية من قبل الكيان الإسرائيلي، مطالباً الحكومة بمعاقبة إسرائيل بالطرق المعمول بها دولياً لضمان عدم تكرار هذا الخرق.
ودعت الحكومة العراقية إلى اتخاذ خطوات رادعة لإيقاف الاعتداء، مطالبة مجلس الأمن الدولي بـ"الانعقاد الفوري واتخاذ إجراءات حاسمة وملموسة لردع هذا العدوان، وضمان عدم تكراره، واستعادة هيبة النظام القانوني الدولي". وأكدت التزامها الثابت بمبادئ السيادة وعدم استخدام القوة وتسوية النزاعات عبر الوسائل السلمية. من جهتها، أعلنت سلطة الطيران المدني، إيقاف حركة الطيران في المطارات العراقية وباشرت إخلاء الأجواء من الطائرات المقبلة والمغادرة والعابرة إلى إشعار آخر.

Related News
