
في وقتٍ وجد فيه أكثر من مائة ألف إسرائيلي، أنفسهم عالقين في الخارج بسبب الحرب التي فتحتها إسرائيل، مدعومةً من الولايات المتحدة، ضد إيران، أمر الحاخام الرئيس ديفيد يوسف، وزيرة المواصلات ميري ريغيف، بعدم إجلاء الإسرائيليين السبت عبر طائرات "إل عال"، بغية عدم "انتهاك قدسيّة السبت".
أقوال الحاخام الرئيس للتيار الشرقي المتشدد أتت رداً على استفسار وجهته إليه الوزيرة ريغيف، أمس الثلاثاء، متسائلةً إن كان مسموحاً الإقلاع بالإسرائيليين على متن الطائرات في أيام السبت، لاستجلابهم من الدول العالقين فيها إلى تل أبيب، حيث رد الحاخام بأن ذلك غير مسموح، مفسراً فتواه بأن الهدف من إجلاء العالقين "ليس إنقاذ الأرواح"، في إشارة إلى أن الحالة الوحيدة التي تسمح الشريعة اليهودية فيها بانتهاك قدسية السبت وحرمته هو "إنقاذ حياة رفيقك، (أي اليهودي حصراً)". وفي الحالة الحالية، فإن اليهود الموجودين في الخارج ليسوا في ضائقة، ولا يوجد خطر يتهدد حياتهم.
وفي الإطار، وصلت صباح اليوم الأربعاء، أوّل رحلة إجلاء جويّة إلى مطار بن غوريون عبر طائرة شركة "أركياع" الإسرائيلية، قادمة من العاصمة القبرصية لارنكا، فيما لفت موقع "واينت" إلى أنه "بحسب التقديرات، فإن أكثر من مائة ألف إسرائيلي عالقون خارج البلاد"، مشيراً إلى أنه في الأيام الأخيرة، عُقدت جلسات بُحث خلالها في كيفية إعادتهم، وخلالها سُئل الحاخام يوسف عن موقفه، وفقاً لما نشره موقع "ماكور ريشون"، الذي يُعد لسان حال التيار الصهيوني الديني.
ونشر مكتب الحاخام يوسف بياناً قال فيه، إنه "رداً على توجه شركة إل عال في مسألة تشغيل طائرات الإجلاء في السبت، أفتى الأوّل لصهيون والحاخام الرئيس لإسرائيل العبقري الكبير، دافيد يوسف، بأنه غير مسموح تشغيل الطائرات في السبت، ما دام الحديث لا يجري عن خطر فوري على الأرواح (فداء للنفس اليهودية). وفي حال كانت ثمة واقعة بعينها فيها خطر يتهدد حياة اليهودي سيجري فحصها على حدة".
وتابع البيان: "الحاخام يعبّر عن قلقه الكبير بشأن أحوال الإسرائيليين العالقين في الخارج"، مشدداً على أنه "ينبغي فعل كل ما يلزم من أجل إعادتهم إلى البلاد بأسرع وقتٍ ممكن، ولكن من خلال الالتزام بما تنص عليه الشريعة، والحفاظ على القيم الأخلاقية والمبادئ اليهودية. فما دام الإسرائيليون يحافظون على السبت، فإن السبت سيحفظهم"، على حد معتقداته.
من جهتها، ردت الوزيرة ريغيف قائلةً إنه "بسبب الوضع الأمني، من الواضح بالنسبة لي أنه علينا العمل بكل جهد ممكن من أجل تشغيل جميع الطائرات في النافذة الزمنية القصيرة، في كل يوم، وضمن ذلك السبت، بهدف تسريع عودة جميع الإسرائيليين". ولفتت إلى أن مناشدتها هذه تأتي في ضوء توصيات مجلس الأمن القومي، الذي شدد على "الحاجة الفورية والملحة إلى تقليل كثافة الإسرائيليين في مراكز الانتظار حول العالم". ولفتت إلى أنه "من بين شركات الطيران الإسرائيلية الأربع، ستُسيّر ثلاث منها رحلاتها يوم السبت، ومن المهم أن تبذل شركة إل عال قصارى جهدها للمساعدة أيضاً".
رد الحاخام وحقيقة أن الوزيرة طلبت فتواه، أثارا غضباً وفقاً للموقع، إذ إن المدير العام لحركة "إسرائيل حرة"، أوري كيدار، تطرق إلى أقوال الحاخام والوزيرة قائلاً: "على ميري ريغيف أن تقرر إن كانت تعمل لخدمة شعب إسرائيل أم لخدمة حزب شاس"، في إشارة إلى أن الحاخام يوسف هو حاخام التيار الحريدي الشرقي الذي تمثله كتلة شاس (حراس التوراة الشرقيين) في الكنيست. واعتبر أن طلب الفتوى بمثابة دليل على "إخفاق الوزيرة وفقدانها الفاضح للمسؤولية، والذي وجدت خلاله الوقت لأخذ الاستشارة"، عادّاً سلوك ريغيف "دليل على أنها تضع السياسة فوق أي اعتبار".
أمّا مديرة المركز الإصلاحي للدين والدولة، المحامية أورلي إيرز لخوبسكي، فرأت أنه "كان من الأفضل لوزيرة النقل، التي كان عملها في الوزارة حتى الآن فاشلاً بشكل متواصل، أن تضع مصلحة المواطنين نصب عينيها، وأن تُدرك أنه في حالات الطوارئ، لا بد من اتخاذ إجراءات لإنقاذ عشرات الآلاف من الإسرائيليين من دون أي تأخير، وأن تسمح لمن يرغب في مغادرة البلاد. ليس للحاخام الأكبر أي سلطة على مسألة الدخول إلى إسرائيل، وكان من الأفضل له ألا يتعامل مع قضايا ليست من مسؤوليته".
في خضم ذلك، أعلنت شركة "إل عال" وهي الخطوط الوطنية لإسرائيل، والتي لا تعمل في يوم السبت، عن أنه بدءاً من اليوم الأربعاء، ستشغل طائراتها من العواصم: لارنكا، أثينا، روما، ميلانو، باريس. ولفتت إلى أن الإسرائيليين العائدين قد أُبلغوا عبر الرسائل، وباتت الرحلات ممتلئة. ولم توضح ما إذا كانت بالفعل ستقرر انتهاك حرمة السبت أم ستلتزم بفتوى الحاخام. ومن المفترض أن تحط أغلب الرحلات الإسرائيلية القادمة من الخارج في مطار بن غوريون، وهي معدّة في الأساس لتقليص أعداد الإسرائيليين في الخارج، ومنع من هم في الداخل من مغادرتها، خصوصاً أن كُثراً من الإسرائيليين يحملون أكثر من جنسية، ويبحثون بسبب الحرب عن طرق للنجاة بأنفسهم.

Related News

