مخاوف من وقود أغلى ونقص سلع في الخليج بسبب الحرب
Arab
6 hours ago
share

 

تشهد دول الخليج حالة من الترقب والحذر الشديدين في مواجهة تداعيات تصاعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية، حيث تتخذ الحكومات مسارات مزدوجة تجمع بين التحرك الدبلوماسي الحثيث والإجراءات الاقتصادية الاحترازية بهدف تقليص آثار الأزمة على الأسواق المحلية والمواطنين.

ويعزز مخاوف الأسواق أن دول الخليج تعتمد بشكل كبير على استيراد معظم احتياجاتها من الخارج، ما يجعلها عرضة لتقلبات سلاسل الإمداد وارتفاع الأسعار في حال استمرار التصعيد، حسب تقدير نشرته منصة "ValueTheMarkets" المتخصصة في الأخبار المالية والتحليلات الاقتصادية.

أما بالنسبة للمستهلكين، فيشير التقدير ذاته إلى أن بوادر تأثير الحرب بدأت في الظهور بأسعار الطاقة وبعض السلع، إذ ارتفعت أسعار النفط بنسبة 14% بعد الضربات الأخيرة، وقفزت أسعار خام برنت إلى أكثر من 74 دولاراً للبرميل، ما ينذر بزيادة مرتقبة في أسعار الوقود محلياً خلال الشهر المقبل، خاصة في الدول التي تربط أسعار الوقود بالأسعار العالمية.

ويعزز من هكذا تأثير تقدير لمحللين في مركز ClearView Energy Partners يتوقع أن تكون الزيادة المحتملة في أسعار النفط حال أي انسداد في مضيق هرمز جراء الحرب ما بين 13–28 دولاراً إضافياً للبرميل. كما أن إغلاق الأجواء أو تعطل خطوط الملاحة قد يؤديان إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، لا سيما المواد الغذائية والمنتجات الاستهلاكية، مع توقعات بزيادة تكاليف الشحن والتأمين، بحسب التقدير ذاته.

ومن شأن ذلك أن ينعكس بشكل مباشر على قطاع الأمن الغذائي، بحسب محللين ذكروا أن أي اضطراب في أسعار الطاقة سينعكس على تكلفة السلع الاستهلاكية، خاصة أن دول الخليج تعتمد على الواردات لتأمين أكثر من 85% من غذائها، وهي النسبة التي تصل إلى 90–100% في تأمين بعض السلع مثل الأرز والحبوب.

تأثير محدود

لكن الخبير الاقتصادي، وضاح طه، يرى أن التأثير الاقتصادي للحرب الإسرائيلية الإيرانية على دول مجلس التعاون الخليجي سيبقى محدودا، حتى على صعيد سوق الطاقة، إذ إن دول الخليج منتجة للطاقة لا مستوردة لها، وبالتالي فإنها ليست في موقع التأثر المباشر بهذه التطورات، حسبما أفاد لـ "العربي الجديد".

وبالنظر إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل مستوى التضخم أو المستوى العام لأسعار المستهلك، يلفت طه إلى أن حصة الواردات من إيران في معظم دول الخليج ضئيلة جداً، ما يقلل من أي تأثير محتمل للحرب على الأسعار أو السوق المحلية.
ويعزز من هذا الوضع وجود بدائل متعددة يمكن لدول الخليج الاعتماد عليها في حال حدوث أي نقص، خاصة في بعض السلع الاستهلاكية كالمنتجات الغذائية، ما يمنع حدوث ندرة أو ارتفاع مفاجئ في الأسعار، بحسب تقدير طه، الذي لا يرجح أن تستمر الحرب لفترة طويلة بما يُحدث أثرا اقتصاديا ملموسا.

ويشير طه، في هذا الصدد، إلى أن بعض الدول الخليجية تعتمد على مصادر استيراد متنوعة، سواء بالنسبة للفواكه والخضراوات أو المكسرات، بما يسهم في تقليل التبعية لأي مصدر تجاري، على الرغم من اتساع نطاق التبادل التجاري بينها وبين إيران، معتبراً أن هذا التنوع في المصادر يشكل درعاً واقياً للاقتصادات المحلية في دول الخليج ضد الصدمات الخارجية.
ويعزو وضاح طه هذا التماسك إلى الوعي الحكومي بضرورة تنويع مصادر الاستيراد، وهو أمر توليه الجهات المعنية اهتماماً كبيراً، ما يحمي الاقتصادات الخليجية من الاضطرابات التي قد تنجم عن الأزمات الإقليمية. ويخلص طه إلى أنه حتى في حال تصاعد التوترات بشكل أكبر من المتوقع في المنطقة، فإن الاقتصاد الخليجي لن يكون عرضة لتأثيرات ضخمة على الأرجح، بفضل شبكة العلاقات التجارية القوية والمناشئ البديلة القريبة.

نقص السلع

في المقابل، يؤكد الخبير الاقتصادي، علي سعيد العامري، لـ "العربي الجديد"، أن دول الخليج العربية ترصد بقلق احتمال تعطيل الممرات البحرية الحيوية مثل مضيق هرمز، ولتفادي أي صدمة اقتصادية ناتجة عن ذلك عززت مخزوناتها الاستراتيجية من السلع الأساسية، بينما اتخذت البنوك المركزية إجراءات طارئة لدعم العملات المحلية ومنع هروب رؤوس الأموال، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم العالمية نتيجة ارتفاع أسعار النفط.
ويضيف العامري أن دول الخليج تلعب دوراً مهماً في استقرار أسواق الطاقة من خلال التنسيق داخل إطار "أوبك+" لزيادة الإنتاج عند الحاجة، ما يساهم في ضبط أسعار النفط ويحمي إيرادات هذه الدول من التقلبات الشديدة، كما يحد من انتقال التضخم العالمي إلى الاقتصاد المحلي، لافتاً إلى أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية لم تسجل أي تأثيرات مباشرة على الأسواق الخليجية بعد، إذ ما زالت أسعار السلع الأساسية عند مستويات منخفضة، باستثناء بعض السلع الآمنة كالذهب التي شهدت ارتفاعات حادة، مما قد يزيد العبء على المواطنين على المدى القصير.

ولا يستبعد الخبير الاقتصادي أن يظهر نقص مؤقت في بعض السلع والخدمات إذا استمرت الحرب لأكثر من 7 أيام، خاصة مع احتمال إغلاق المجال الجوي وتعطيل رحلات الطيران، ما قد يؤثر بدوره على سلاسل التوريد الخاصة بالسلع سريعة التلف مثل الخضراوات.
لكن العامري يشير في الوقت ذاته إلى أن أسواق بعض الدول الخليجية تتميز بإتاحة السلع بوفرة، خاصة تلك التي تُنتج محلياً، مثل منتجات الألبان، فيما يبدو قطاع السياحة والسفر الأكثر عرضة للاضطراب، بسبب توقف بعض الرحلات الجوية وتراجع حركة السياحة الوافدة نتيجة المخاوف الأمنية، وهو ما يشكل تهديداً لفرص العمل في القطاع على المدى القصير.
وعلى الرغم من هذه التحديات، يرى العامري أن اقتصادات دول الخليج تتمتع بمرونة نسبية بفضل الاحتياطيات المالية الكبيرة وتنوّع مصادر الدخل. ويخلص العامري إلى أن المستهلك الخليجي ربما يواجه موجة تضخمية قصيرة الأمد، بينما تواجه التجارة مع إيران شبه تجمد بسبب العقوبات والمخاوف الأمنية، مشيراً إلى أن نجاح الوساطات الخليجية لوقف الحرب تمثل مفتاحاً لتخفيف هذه التداعيات، خاصة في ظل الضغط المتزايد على كل من إسرائيل وإيران لقبول وقف إطلاق النار.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows