
تحت شعار "تبرّع بدمك تعطي الأمل.. فجميعاً لإنقاذ الحياة"، أطلقت الوكالة المغربية للدم ومشتقاته حملة وطنية للتبرّع بالدم بمناسبة اليوم الوطني للتبرّع بالدم الذي يحتفل المغرب به في 14 يونيو/ حزيران من كلّ عام. ويأتي ذلك في خطوة استباقية لتفادي نقص مخزون الدم الذي ينعكس سلباً على صحة المرضى المحتاجين إلى هذه المادة الحيوية في الصيف، علماً أنّ عمليات التبرّع تشهد تراجعاً كبيراً في هذا الفصل.
ودعت الوكالة المغربية للدم ومشتقاته (حكومية)، في بيان لها بمناسبة اليوم الوطني للتبرّع بالدم، إلى "الانخراط الطوعي والمنتظم في هذا الفعل الإنساني، بخاصة في صفوف الشباب"، كذلك "ناشدت الفاعلين الجمعويين بالمساهمة في تعبئة المجتمع من أجل جعل التبرّع بالدم سلوكاً مواطناتياً راسخاً ورافعةً من رافعات الحقّ في الحياة". ويعرف المغرب في كلّ فصل صيف تراجعاً في احتياطي الدم بسبب قلّة المواطنين المتبرّعين بسبب العطلة الصيفية، بالإضافة إلى الحاجة إلى كميات كبيرة من الدم بسبب أعداد الجرحى الذين يسقطون في حوادث السير التي تتزايد صيفاً.
تقول مديرة المركز الجهوي لتحاقن (لنقل) الدم في الرباط جميلة الكوردو لـ"العربي الجديد" إنّ "الحاجة إلى التبرّع بالدم تظلّ قائمة باستمرار، الأمر الذي يقتضي انخراطاً أكبر من قبل المواطنين، خصوصاً الشبّان منهم، في هذا الفعل الإنساني". وتلفت إلى أنّه "على الرغم من استقرار مخزون الدم الوطني حالياً، تُتَّخد إجراءات استباقية مراعاةً للفترات التي يتراجع فيها عدد المتبرّعين سنوياً على الصعيدَين الوطني والعالمي، من قبيل فصل الصيف ونهاية السنة وفترات الأعياد".
وتوضح الكوردو أنّ "التبرّع المنتظم بالدم هو الذي يمكّننا من تحديد مستوى المخزون وضمان كفايته لتلبية احتياجات المرضى في كلّ الظروف"، مشدّدةً على أنّ "في إمكان المبادرة إلى التبرّع بالدم، التي لا تستغرق إلا بضع دقائق، أن تنقذ أرواحاً كثيرة، لا سيّما في حالات الطوارئ المرتبطة بضحايا حوادث السير والولادات الصعبة". وترى أنّ "تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الحيوية يستدعي تعبئة جماعية لافتة، في هذا السياق".
وتشير الكوردو إلى "تفاوت بين جهات المغرب في مستوى الحاجة إلى الدم. ففي الوقت الذي لا تعاني فيه مناطق معيّنة من نقص كبير، تسجّل جهات أخرى طلباً مرتفعاً عليه، خصوصاً تلك التي تضمّ مستشفيات كبرى ومراكز استشفائية جامعية، مثل جهة الدار البيضاء-سطات وجهة الرباط -سلا-القنيطرة وجهة طنجة- تطوان-الحسيمة".
وتدعو الكوردو المغاربة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و60 عاماً الذين لا يعانون من أيّ موانع صحية، إلى التبرّع بالدم، مشيرةً إلى أنّ "المتبرّع والمريض يعيشان أوضاعاً إنسانية وصحية متقابلة؛ فالمتبرّع ينقذ حياة مريض ويجدّد دورته الدموية، فيما يستفيد من تحاليل طبية ويقي نفسه من مجموعة من الأمراض". وتتابع أنّ المغرب "يحتاج إلى أكثر من ألف متبرّع يومياً ليتمكّن من تلبية احتياجاته من أكياس الدم، الأمر الذي يتطلب مشاركة واسعة وجماعية، بالإضافة إلى ضمان استدامة نظام التبرّع من خلال تواصل بين المواطنين والشركاء على المستوى الوطني بالتعاون مع مراكز نقل الدم".
وتُفيد ورقة تقنية، أصدرها مركز الكوردو في وقت سابق، بأنّه "مع التزايد المستمر والملحوظ للطلب على الدم بسبب ارتفاع نسبة انتشار الأمراض المزمنة وحوادث السير"، فإنّه "يحتاج إلى ما بين 1200 و1500 كيس، فيما يتراوح عدد التبرّعات ما بين 900 و1000 كيس".
في سياق متصل، تلفت الكوردو إلى أنّ "النسبة المثالية للتبرّع بالدم استجابةً للاحتياجات اللازمة، بحسب منظمة الصحة العالمية، هي بلوغ 1% من عدد السكان بوصفهم متبرّعين منتظمين، وهي النسبة التي بلغها المغرب في عام 2024". يُذكر أنّ نسبة المتبرّعين بالدم في المغرب تبلغ 9.3 متبرّعين لكلّ ألف نسمة فقط، مقارنة بأكثر من 36 في الدول المتطوّرة. ويهدّد هذا النقص حياة مرضى كثيرين، ويؤدّي إلى تأجيل عمليات جراحية ضرورية، وفقاً لبيانات منصّة "قطرة" المعنية بالتبرّع بالدم في البلاد.
وعلى الرغم من تسجيل المغرب ارتفاعاً سنوياً في استهلاك الدم ناهز 28% في السنوات الأخيرة، فإنّ مواطنين كثيرين يمتنعون عن التبرّع بالدم من جرّاء ضعف ثقافة التبرّع، بالإضافة إلى انتشار أحكام مسبقة في المجتمع عن المتاجرة بأكياس الدم أو الإصابة بالعدوى، الأمر الذي تنفيه الكوردو بشدّة. وتؤكد أنّ "الدم لا يُباع ولا يُشترى. كذلك، فإنّ المستفيد لا يسدّد أيّ مبلغ في مقابل الدم في حدّ ذاته، إنّما لتغطية المصاريف المرتبطة بالعملية (حصوله على الدم)، من قبيل التحاليل المخبرية والأكياس المعقّمة ذات الاستعمال الوحيد وتكاليف التخزين والتجزئة والمطبوعات"، لافتةً إلى أنّ "ثمّة مستفيدين يُعفَون من دفع أيّ مبالغ أو يستردّونها في إطار التغطية الصحية".

Related News
