إيران والكيان: صراع النفوذ
Arab
5 hours ago
share

ما يجري اليوم بين إيران والكيان الصهيوني ليس مجرد مناوشات عسكرية أو تصريحات سياسية متبادلة، بل هو صراع أعمق على النفوذ والقيادة في الشرق الأوسط. صراع تكشف تفاصيله يومًا بعد يوم، ليُظهر أن إيران ليست بصدد الرضوخ، ولن تقبل أن تكون تابعًا لكيان يعتبره الكثيرون طارئًا وغريبًا على جسد هذه المنطقة.

في هذا السياق، برزت محاولات رئيس وزراء الكيان مخاطبة الشعب الإيراني مباشرة، في خطوة استعراضية مكشوفة الهدف: زرع الانقسام الداخلي والدفع نحو تمرد شعبي ضد القيادة. إلا أن هذه المحاولة ليست سوى فصل جديد من محاولات يائسة يعلم القائمون عليها قبل غيرهم أنها لن تجد صدًى في الداخل الإيراني.

أستعيد هنا موقفًا شخصيًا خلال فترة دراستي للدكتوراه، حين دار حديث بيني وبين زميلة إيرانية كانت من المعارضين للنظام في بلادها. وحين تطرقتُ إلى قضية عربستان وعروبة هذه الأرض، انقلب موقفها فجأة، ورفضت الفكرة بشدة مؤكدة أن تلك الأرض إيرانية خالصة. لم أرغب في مجادلتها، لكن ذلك الموقف كان كافيًا ليُظهر مدى تمسك الإيرانيين بأرضهم، مهما اختلفوا مع حكوماتهم أو توجهاتها.

أما ما يتعلق بالسلاح النووي، فالقضية في إيران تتجاوز كونها سياسة خارجية؛ إنها مسألة أمن قومي. من الواضح أن شريحة واسعة من الشعب الإيراني، باختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية، ترى أن امتلاك هذا السلاح هو حق مشروع في ظل امتلاك الكيان له، وترفض الانصياع للضغوط الدولية للتخلي عنه. وفي هذا الإطار، فإن محاولات نتنياهو المتكررة لضرب العلماء والمنشآت النووية الإيرانية، وإن حققت بعض الأضرار، إلا أنها تعزز من وحدة الصف الإيراني، وتزيد من الشعور القومي العام بأن المعركة ليست مع النظام، بل مع المشروع الوطني برُمَّته.

ما فعلته إيران في ردها المباشر على الكيان، لم تجرؤ عليه 22 دولة عربية منذ لحظة الإعلان عن قيام هذا الكيان الغاصب. إيران التي تبعد أكثر من ألف كيلومتر عن حدود فلسطين، ردَّت حيث فشل الآخرون، رغم أن الدول العربية تحيط بالكيان من ثلاث جهات. الفرق هنا واضح: ليست المسألة مسافة، بل إرادة. والأنظمة التي تحكم هذه البلدان غالبًا ما تكون أنظمة خاضعة، يرتبط وجودها ببقاء الكيان، ويُرهن استقرارها بإبقاء الأمور كما هي عليه.

المستوطن لا يملك انتماءً حقيقيًا، هو مهاجر يبحث عن الأمان والرخاء. بينما صاحب الأرض يبقى متمسكًا بها حتى آخر رمق، مهما فقد من أمن أو استقرار

المستوطن، في نهاية المطاف، لا يملك انتماءً حقيقيًا. هو مهاجر يبحث عن الأمان والرخاء، لا عن الجذور. بينما صاحب الأرض، مهما فقد من أمن أو استقرار، يبقى متمسكًا بأرضه، منتميًا لها حتى آخر رمق. كل صاروخ ينطلق من الأراضي الإيرانية يجعل آلاف المستوطنين يعيدون النظر في قرار هجرتهم، فكيف إن وصل هذا الصاروخ إلى عمق مستوطناتهم؟

إن ما نشهده ليس فقط مواجهة عسكرية، بل معركة بين مشروعين: أحدهما قائم على المقاومة والتمسك بالحقوق، والآخر على الاحتلال والدعم الغربي غير المشروط.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows