
كشف محللون اقتصاديون وتقارير إسرائيلية عن خسائر باهظة للاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحرب مع إيران، بعضها فوري يمكن رصده، والبعض الآخر طويل الأجل بفعل الإغلاق الاقتصادي وتكاليف صد الهجمات وغيرها. وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية، يوم أمس، أن نمو الاقتصاد الإسرائيلي تراجع بنسبة 10% خلال يومي الحرب الأولين فقط، وبلغت الأضرار المباشرة مليار شيكل (282 مليون دولار) في أول يومين فقط، وذلك مقارنة بـ2.5 مليار شيكل عن الأضرار الناجمة عن حرب غزة ولبنان، مع تقديم 12 ألف دعوى لطلب تعويضات.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن الأضرار التي ألحقتها الصواريخ الإيرانية التي سقطت في إسرائيل خلال اليومين الماضيين بلغت مليار شيكل، إثر إصابة عشرات المباني، وقسم منها غير قابل للترميم، بحسب موقع "واينت" الإلكتروني. وأكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن التقديرات الأولية في اليوم الثالث للحرب أظهرت توقف عمل المرافق الاقتصادية وحركة الطيران بالكامل، ولحق ضرر بالنمو الاقتصادي بنسبة 0.1%، ويتوقع أن يرتفع إلى 0.2% - 0.3% بعد أسبوع من الحرب، أي ما يعادل حوالي 10% من نسبة النمو السنوي الحالي البالغة 3.4%.
كما يُتوقع أن يرتفع العجز أكثر بعد أن وصل إلى 5% من الناتج القومي، وذلك لأن استمرار الحرب سيؤدي إلى ارتفاع كبير في الإنفاق العسكري، ما قد يؤدي أيضاً إلى خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل. وسينعكس هذا الوضع سلباً على أسعار الفائدة على القروض التي تحصل عليها إسرائيل في الأسواق العالمية، ما يؤثر بدوره على نسبة التضخم المالي التي تبلغ حالياً 2.5%.
المالية: تعويضات باهظة
ووفقاً لوزارة المالية الإسرائيلية، كانت ميزانية صندوق التعويضات للإسرائيليين حوالي 18 مليار شيكل عشية الحرب على غزة، ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرى إنفاق 20.5 مليار شيكل على تعويض المتضررين، وحالياً يحتوي الصندوق على 9.5 مليارات شيكل. وإذا استمرت الحرب على إيران مدة طويلة، فسيتعين على وزارة المالية إيجاد مصادر تمويل لتعويض الإسرائيليين في ظل الدمار الكبير الذي طاول مدناً إسرائيلية ووسط تل أبيب، المنطقة الاقتصادية والاستثمارية الأهم.
وأكد موقع "ذي ماركر" الإلكتروني الإسرائيلي، في 15 يونيو/حزيران الجاري، أن التعويضات ستشمل الأضرار المباشرة وغير المباشرة، وأن مشاهد الدمار وإصابة المباني تشير إلى أن التعويضات ستكون مرتفعة جداً. وأوضح الموقع أن صندوق التعويضات دفع 2.5 مليار شيكل بسبب الأضرار المباشرة طوال فترة الحرب على غزة ولبنان، لكن التعويضات المتوقعة من جراء الحرب على إيران ستكون أعلى بكثير.
ويتوقع أن تكون التكلفة الأكبر في التعويضات عن الأضرار غير المباشرة، وهي تلك التي لحقت بالمرافق الاقتصادية والمصالح التجارية، إلى جانب توقف الكثير من الإسرائيليين عن العمل بعد إغلاق معظم أماكن العمل والمصالح التجارية بموجب تعليمات قيادة الجبهة الداخلية. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى عدم وجود خطة مساعدات سارية المفعول، ما سيضطر وزارة المالية إلى سن قوانين أو أنظمة في الكنيست لدفع التعويضات، وسط انتقادات شديدة بسبب غياب خطة مساعدات مدنية أوتوماتيكية لحالات الطوارئ.
2.1 مليار دولار خلال 42 ساعة
وتشير تقديرات اقتصادية إسرائيلية إلى خسائر باهظة في مجال صد الصواريخ الإيرانية فقط، تُقدَّر بـ2.1 مليار دولار خلال 42 ساعة. وبحسب تقارير إسرائيلية رسمية، اعترضت إسرائيل أكثر من 170 صاروخًا وطائرة مسيّرة إيرانية في أقل من يومين، معظمها جرى التعامل معه بواسطة أنظمة باتريوت، حيتس، ومقلاع داود، إلا أن تكاليف صدها كارثية اقتصاديًا. فوفقًا لتقدير صادر عن "بنك هبوعليم"، أنفقت إسرائيل أكثر من 2.1 مليار دولار خلال 42 ساعة فقط لاعتراض الهجمات الإيرانية، أي مرة ونصف ما أنفقته خلال هجوم إيران الأخير في إبريل/نيسان الماضي.
وكان المستشار المالي السابق لرئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي رام أميناح قد صرّح لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، في إبريل/نيسان 2024، بأن الدفاع عن إسرائيل يوماً واحداً ضد الهجمات الإيرانية كلف بين 4 مليارات و5 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار). ولهذا تتحدث الصحف العبرية عن "نزيف اقتصادي غير قابل للاستمرار" في حال استمرار الهجمات الإيرانية بهذا النسق التصاعدي.
واستخدمت القبة الحديدية قرابة 600 صاروخ خلال 48 ساعة فقط، وتبلغ تكلفة الصاروخ الواحد منها بين 40 ألفاً و100 ألف دولار، في حين أن تكلفة صاروخ "خيبر شكن"، أقوى صاروخ إيراني، لا تتجاوز 50 ألف دولار، ما يعني أن كل عملية اعتراض تكلف إسرائيل ضعف تكلفة الهجوم الإيراني. وتبلغ تكلفة صاروخ باتريوت الأميركي الواحد بين مليونين و4 ملايين دولار، بينما تصل تكلفة صاروخ "حيتس-3" الإسرائيلي إلى 5 ملايين دولار.
شلل في قطاع الطاقة
توقف أيضًا ضخ الغاز من حقلي "كاريش" و"ليفيتان" في البحر المتوسط بقرار من وزارة الطاقة الإسرائيلية، على خلفية التصعيد وتعرض خطوط الغاز لهجمات صاروخية إيرانية. كما تعرضت مصفاة تكرير النفط في خليج حيفا لـ"أضرار موضعية" في شبكة أنابيبها جراء الهجوم الصاروخي الإيراني. وتوقع محللون أن تكون مصر المتضرر الأكبر بسبب رهن سياستها بالاعتماد على الغاز الإسرائيلي، وهو ما دفع رئيس الوزراء المصري للتلميح بقطع التيار الكهربائي مجددًا في حال استمرار نقص الغاز.
وقد أعلنت سلطات الطاقة الإسرائيلية وقف ضخ الغاز الطبيعي من أبرز الحقول البحرية، وهما "كاريش" و"ليفيتان"، بسبب تطورات الوضع الأمني، ما قد يؤثر على نشاط عدد من شركات الطاقة المُدرجة في بورصة تل أبيب التي تعتمد على هذه الإمدادات. وذكرت قناة "IRIB" الرسمية أن صاروخًا إيرانيًا أصاب مصفاة نفط في مدينة حيفا شمالي البلاد، فيما أفادت وكالة "مهر" بأن "الهجوم نُفذ بصاروخ فرط صوتي موجَّه نحو منشأة استراتيجية للطاقة"، مشيرة إلى تصاعد عمود دخان من الموقع عقب الضربة.

Related News



