حرب إيران وزئبقية موقف البيت الأبيض
Arab
6 hours ago
share

فيما تستعر الحرب بين إيران وإسرائيل مهددة بالانفلات المفتوح على الأفظع، يكتفي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعطاء إشارات متضاربة وقابلة للتأويل. فمن جهة يبدو وكأنه ما زال يراهن على العودة إلى المفاوضات باعتبارها مخرجاً، في حين يكاد يجمع المراقبون على أن الأحداث على الأرض تخطت هذا الخيار، أقله في الوقت الحاضر، ومن جهة ثانية يرفع لهجة التلويح بالعصا.

وبينما تتلون الحرب أكثر فأكثر بالأحمر، لم يغادر البيت الأبيض بعد الموقف الرمادي. وقد يكون هذا تكتيك للإبقاء على باب الاحتواء مفتوحاً، لكن التصعيد الميداني المتسارع قد يبطل احتمالات الاحتواء القريب، وخاصة أن "الضغوط تتزايد" باتجاه المزيد من التدخل واللاعودة عن الحرب.

وقال ترامب، مساء أمس الأحد، في تدوينة على منصة تروث سوشال، إنه يمكن تحقيق السلام إذا تم استئناف المفاوضات. وبدا كلامه وكأنه يعتقد أنه بعد الضربات الجوية المتبادلة، في اليومين الماضيين، ربما تكون قد نضجت ظروف تمرير شرط "صفر تخصيب"، ولكن رفض إيران المشاركة في الجولة السادسة في عُمان أسقط هذا الاحتمال.

في تدوينة ثانية، تغيّرت نبرة ترامب وانتقل من "إننا لسنا مشاركين في الهجوم الإيراني"، وهو الموقف الذي عبر عنه بيان وزير الخارجية ماركو روبيو عند بداية العملية، إلى التحذير من عواقب استهداف المصالح الأميركية، حيث سيكون الرد "بكل ما لدى الولايات المتحدة من قوة وقدرات"، والكلام موجه إلى إيران.

الرد بهذه اللغة كان أقرب إلى الانذار. وترافق ذلك مع تزايد الإشارة في واشنطن إلى أمرين: القنبلة الخارقة وعما إذا كان الغرض من الحرب "إسقاط النظام" الإيراني. وتردد الكلام عن القنبلة في سياق الحديث عن مدى الأضرار التي ألحقتها إسرائيل بالمنشآت النووية الإيرانية، حيث إنه بحسب التقديرات، ألحقت عمليات القصف "أضراراً بالغة" بها، لكن تدميرها يحتاج إلى هذه القنبلة التي "لا تملكها إسرائيل ولا تملك القاذفة الاستراتيجية التي تحملها" (مثل ب 52 وب 2). وينطوي الكلام السابق على تلميح ضمني بضرورة تدخل واشنطن لاستعمال هذا السلاح، الكفيل بالقضاء على المنشآت المبنية في العمق (أكثر من 800 متر تحت الأرض) مثل منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم. ومن المتوقع أن تزداد الإشارات إلى هذه القنبلة بعد الضربات الإيرانية التي طاولت تل أبيب وحيفا.

كذلك يتزايد الكلام عن تغيير النظام في إيران، من زاوية التساؤل عن الغرض من الحرب وعما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن حربه باتجاه تحقيق هذا الهدف. وهنا تتضارب الإشارات أكثر. فالرئيس ترامب رفض الموافقة على "اغتيال" المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بعدما أبلغه نتنياهو بـ"توفر هذه الإمكانية"، حسب ما تداولته التقارير المسرّبة عبر مصادر رسمية. والرسالة هنا أنّ البيت الأبيض لم يقرر بعد قطع الشعرة مع طهران. لكن خارج البيت الأبيض، هناك تعاطف ضمني مع الفكرة.

السيناتور الجمهوري ليدنسي غراهام قال، أمس الأحد، إنّ تغيير النظام مسألة "يقررها الشعب الإيراني الذي ليس عدونا"، مضيفاً أن سقوطه حين يحصل لا بد أن يكون خبراً "سعيداً للناس". ويرى الأستاذ الجامعي في العلاقات الدولية فالي نصر (من أصل إيراني)، أن حرب إسرائيل تستهدف "إسقاط النظام" في طهران، وتشاركه في هذا التقدير جهات غير قليلة، منها من يجاهر ويؤيد هذا التوجه ومنها من يكتفي بالكلام المبطن في هذا الخصوص، مثل السيناتور غراهام. لكن الجميع يدركون أن ترجمة هذه الرغبة إذا كانت ممكنة مرهونة بقرار أميركي.

صحيح أن إسرائيل "تصرفت ميدانياً وحدها – حتى الآن – لكنها في الواقع ليست وحدها"، كما قال نائب الرئيس السابق مايك بنس. وتوصيفه يلخّص المشهد ويسلّط الكثير من الأضواء الكاشفة على الحرب كما على الموقف الأميركي، بالرغم من رماديته الراهنة، باعتباره الممسك الرئيسي بخيوط المواجهة. ولذلك تتزايد الضغوط لاستبدال الرمادي بالوضوح، فيما تشدد جهات، ومنها جمهورية، باتجاه فرض قرار العودة إلى الطاولة، ولو أن ذلك باتت احتمالاته تتقلص بقدر ما يتوسع ويتعمق مسار الحرب. القاسم المشترك بين هذه الأوساط أنها تشدد على أمرين أساسيين: ضمان واشنطن الدعم والحماية لإسرائيل.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows