مهاجرون سرّيون في تونس يتمسكون بالهجرة إلى أوروبا
Arab
2 weeks ago
share

يتمسك مهاجرون أفارقة سريون كثيرون موجودون في تونس بأمل أن ينجحوا في الهجرة إلى أوروبا رغم أنّ الأمر بات صعباً، وهم يصرّون على أن هذا الأمل يبقى أكثر سهولة مما يحدث في بلدانهم التي غادروها بسبب ظروف مختلفة

يعيش مهاجرون أفارقة كثيرون في تونس في خوف من ترحيلهم إلى بلدانهم، وأحدهم دودوا الذي يحمل جنسية مالي ويبلغ 31 عاماً من العمر، كان قدِم قبل سنتين بطريقة غير نظامية إلى تونس التي دخلها عبر الحدود البرية من ليبيا، وذلك بأمل الهجرة إلى أوروبا. وهو يقول لـ"العربي الجديد": "أعمل في ورشة بناء في العاصمة تونس، لكنني أعيش في حالة كرّ وفر مع أجهزة الأمن خوفاً من اعتقالي وترحيلي إلى بلدي قبل أن أحقق حلمي في الهجرة إلى إيطاليا بأي طريقة". 
وزادت مخاوف المهاجرين في تونس من ترحيلهم بعدما أطلقت السلطات حملة أمنية ضدهم في منطقة العامرة بمحافظة صفاقس (وسط شرقي)، وأزالت مئات من الخيم التي كانت تؤوي نحو 7 آلاف منهم في حقول زيتون. 
ولا يعرف ناشطون كثيرون في تونس مصير هؤلاء المهاجرين بعد إزالة خيمهم، ويروي بعضهم أنّهم تفرقوا في مناطق عدة لمنع تمركزهم في مكان واحد، فيما يقول النائب طارق مهدي إنّهم نُقِلوا إلى أرض تملكها الدولة في صفاقس نفسها. 
عموماً، شهدت تونس خلال السنوات الماضية ارتفاعاً كبيراً في عدد المهاجرين السرّيين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء عبر الحدود مع ليبيا والجزائر، في وقت جرى منعهم من العبور إلى سواحل إيطاليا تحديداً انطلاقاً من تونس خلال السنوات الأخيرة. وأعلنت وزارة الداخلية الإيطالية هذا العام أنها منعت أكثر من 61 ألف مهاجر حاولوا العبور إلى أراضيها. 
وظهرت العديد من المخيمات العشوائية في بعض المناطق، لا سيما في منطقة العامرة بمحافظة صفاقس، بعد طرد مئات من المهاجرين السرّيين من مدن عدة، وأقاموا في حقول الزيتون. ويزايد عددهم باستمرار مع توافد غيرهم من خارج الحدود، ما أثار تذمر أهالي المنطقة الذين نددوا بعمليات تخريب طاولت حقول الزيتون. 

ويبحث بعض المهاجرين السرّيين في تونس عن الاستقرار، ويرضون بالحصول على قليل من لقمة العيش، فيما تحلم غالبيتهم بالهجرة إلى أوروبا، ويرفضون ترحيلهم إلى بلدانهم. ويقول لوتانا الذي يعيش في تونس منذ ثلاث سنوات لـ"العربي الجديد: "دخلت تونس من الجزائر، وأعمل حالياً في جمع قوارير بلاستيكية من مكبات النفايات وبيعها بأمل جمع تكاليف المشاركة في إحدى عمليات الهجرة غير النظامية، وإذا اضطررت إلى البقاء في تونس، فلا مانع لدي، لكن شرط أن أعيش بسلام من دون مواجهة أي ملاحقة أمنية لأنني لا أريد أن أعود إلى بلدي بسبب الظروف الاقتصادية السيئة فيها".  
ويؤكد رمضان بن عمر، الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "عمليات منع المهاجرين من العبور نحو إيطاليا زادت خلال السنوات الأخيرة. وقد نفذ المنتدى دراسة حول وضع المهاجرين في تونس شملت عينة عشوائية من 379 مهاجراً، وأظهرت النتائج أنّ نسبة 60% منهم صرحوا بأنهم وصلوا إلى تونس من طريق الحدود البرية مع الجزائر، و23% من ليبيا. وأنهم يحملون جنسيات 23 بلداً أفريقياً، وغالبيتهم من السودان وغينيا بيساو وسيراليون وساحل العاج.

وفي شأن ظروف إقامتهم في تونس، أفاد 75.4% من المهاجرين المستفتين بأنّهم اضطروا إلى تغيير مكان إقامتهم مرة على الأقل في تونس هرباً من السلطات الأمنية، فيما صرّح نصفهم أنّهم يُقيمون في ظروف غير لائقة مثل الشوارع والساحات العامة وتحت الأشجار. 
وذكر 30% من المشاركين في الدراسة أنّهم حاولوا مرة على الأقل المشاركة في رحلات هجرة غير نظامية عبر البحر إلى إيطاليا، وأكد ثلثهم أنهم تعرضوا لحوادث في البحر، وقال 79% منهم أنهم يريدون العبور إلى إيطاليا تحديداً.
ويشير رمضان إلى أنّ "الاتحاد الأوروبي يجب أن يتحمل مسؤولياته في إيجاد مسارات تنقل آمنة للمهاجرين العالقين في تونس، خصوصاً أنّ عددهم يزداد باستمرار في حين أن عدد العائدين طوعاً إلى بلدانهم قليل مقارنة بإجمالي عددهم في تونس. والوضع الاقتصادي الداخلي لا يحقق مطلب الأمن والحماية للمهاجرين الفارين بالدرجة الأولى من الحروب". 

وأعلنت الإدارة العامة للأمن الوطني أن 142 من الجنسية الغينية غادروا على متن طائرة خاصة، ما رفع إلى 1544 عدد المهاجرين الذين جرى تأمين عودتهم الطوعية هذه السنة، بحسب ما أكد الرئيس قيس سعيد خلال لقائه وزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي. لكن لا يزال آلاف من هؤلاء المهاجرين يرفضون المغادرة والرجوع إلى أوطانهم، بسبب هروب بعضهم من حروب في بلدانهم أو التشبث بحلم الهجرة إلى أوروبا. ويتحدث السوداني إدريس نوبوي عن أنّه عمل في ليبيا أكثر من خمس سنوات ثم هاجر براً إلى تونس، وشارك قبل سنتين في عمليات هجرة غير نظامية اعترضها خفر السواحل التونسي. وهو يعيش اليوم بأمل أن ينجح في الهجرة إلى إيطاليا رغم أنّ الأمر بات صعباً، ويقول لـ"العربي الجديد": "لن أعود أبداً إلى السودان حتى إذا بقيت في تونس ولم أستطع الهجرة إلى أي مكان". 
وكان كاتب الدولة لدى وزير الخارجية محمد بن عياد قد أشار خلال جلسة عقدها البرلمان أخيراً: "في نهاية العام الماضي، جرى تأمين العودة الطوعية لـ7 آلاف و250 مهاجراً نظامياً في إطار التعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، وقد ساهم التطوّر الإيجابي في آليات التنسيق والتعاون مع دول الجوار في انخفاض عدد الوافدين الجدد في إطار الهجرة غير التظامية منذ النصف الثاني من العام الماضي".
وكانت تونس وقعت مع الاتحاد الأوروبي في 16 يوليو/ حزيران 2023 مذكرة تفاهم لإرساء "شراكة استراتيجية وشاملة". ونص الاتفاق على منح الاتحاد مساعدة مالية لتونس قيمتها 113 مليون دولار لمكافحة الهجرة السرّية، ومساعدة أخرى بقيمة 161 مليون دولار. 

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows