
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ اليوم الأول من عيد الأضحى، عمليات الهدم الواسعة في مخيّم طولكرم شمال الضفة الغربية، ضمن سياق عدوانها على المدينة ومخيّميها، في تصعيد غير مسبوق لتغيير معالم المخيّم كلياً. وبينما كان الفلسطينيون يستقبلون العيد، كانت جرافات الاحتلال تحوّل حارتي البلاونة والعكاشة إلى ركام، في سياق تنفيذ مخطط هدم أعلن الاحتلال عنه في الأول من مايو/أيار الماضي، يقضي بهدم 106 مبانٍ، منها 58 في مخيّم طولكرم، وذلك بقرار من ما يعرف بـ"الحاكم العسكري" لجيش الاحتلال.
ومنذ ثلاثة أيام، لم تتوقف نحو خمس آليات هدم عسكرية عن تدمير منازل سكان مخيّم طولكرم، التي تجري تسويتها بالأرض تمهيداً لشقّ طرقٍ وتنفيذ مخططات هندسية يعمل عليها الاحتلال، من شأنها تغيير المعالم الجغرافية بالكامل داخل المخيّم، بحسب مدير العلاقات العامة والإعلام في بلدية طولكرم، مهند مطر. وقال مطر لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتلال تعمّد بدء عمليات الهدم منذ اليوم الأول من عيد الأضحى في محاولة لضرب الناس نفسياً، في لحظة كان يُفترض أن تمثل فسحةً من الراحة والتنفيس عن المعاناة (...) الناس كانت تشاهد منازلها تتحول إلى ركام في لحظات، لأن الاحتلال ينفّذ مخططاً واضحاً يسير فيه بلا تردد".
وأكد مطر أن عمليات الهدم لم تتوقف منذ ذلك اليوم، بل تتنقّل بين أحياء مخيّم طولكرم بتسارع، وغالباً ما تطاول منازل لا تندرج حتى ضمن القائمة المُعلنة للهدم. ويقول مطر: "الاحتلال يزعم أن المخطط يشمل 58 بناية في المخيّم، وكل بناية تضم في المتوسط ثلاث وحدات سكنية، أي ما لا يقل عن 170 وحدة سكنية، ما يعني أن أكثر من 650 مواطناً فقدوا منازلهم فعلياً".
ويشير مطر إلى أن الأضرار لا تقتصر على هذه المنازل فحسب، بل تمتد إلى الأبنية المجاورة، نظراً لتلاصق البيوت وبنائها من الطوب، ويضيف: "الضرر يطاول ما هو أكثر بكثير من المُعلن، وهناك كارثة حقيقية في المخيّم تستهدف جميع المنازل، حتى التي لم تكن على قائمة الهدم، إذ إنّ معالم المخيّم تغيّرت تماماً، ويبدو واضحاً أن هناك مخططاً هندسياً غير مُعلن يتحرك الاحتلال وفقه، بدليل الخرائط التي يرسلها الاحتلال عبر الارتباط العسكري بين الحين والآخر، وتشير إلى منازل جديدة مستهدفة".
وفي ما يتعلق بالوضع الإنساني، يوضح مطر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي مارس خلال الشهور الماضية عمليات نهب وتخريب وحرق لآلاف المنازل، وهو ما جعل من المستحيل على الأهالي العودة لمنازلهم من أجل استرجاع أي شيء من ممتلكاتهم، كما أوضح أن "المنازل فارغة ومفتوحة منذ قرابة خمسة أشهر، كل ما فيها تالف، والجنود يدخلونها متى شاؤوا (...) المنازل التي لم تُهدم كلياً تعرّضت للتدمير الجزئي، وهي الآن مهجورة تتحول إلى مأوى للكلاب والقوارض".
وتابع مدير العلاقات العامة والإعلام في بلدية طولكرم القول: "حاولنا سابقاً في البلدية، بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، تأمين آليات للسكان لنقل مقتنياتهم، لكن أعداد النازحين كبيرة والوقت ضيق، كما أن آخر تنسيق لدخول المخيّم جرى قبل أسبوع، ومنذ ذلك الوقت لم يتمكن أحد من الدخول. الاحتلال يمنع أي اقتراب، ويطلق النار على من يحاول، كما حصل أمس مع سائق مركبة عمومية"، وأكد أن "الجيش يُطلق النار عشوائياً داخل المخيّم دون سبب واضح، وكأنهم في ساحة تدريب مفتوحة، والرصاص يصيب الجدران والنوافذ والمنازل باستمرار".
وأشار مطر إلى أن مخيّم طولكرم بات مطوّقاً بالكامل، إذ إنّ "للمخيم أربعة مداخل رئيسية: البلاونة، والمربعة، والوكالة، والمقاطعة، وجميعها مغلقة، ينتشر فيها جنود الاحتلال ويمنعون الاقتراب منها لمسافات قد تصل إلى 500 متر، كما في مدخل البلاونة، والاحتلال أقام ثكنات عسكرية، واستولى على منازل داخل حدود بلدية طولكرم، وليس فقط داخل حدود المخيّم".
وبحسب اللجنة الإعلامية لطولكرم، في بيان صادر عنها أمس السبت، فإن تصعيد الاحتلال الجاري ضدّ مخيّمَي "طولكرم منذ 133 يوماً ونور شمس منذ 120 يوماً" أدى إلى "تهجير أكثر من 4200 عائلة من المخيَّمَين، أي ما يزيد على 25 ألف مواطن، وتدمير ما لا يقل عن 400 منزل تدميراً كلياً، و2573 منزلاً تضررت جزئياً، في ظل استمرار إغلاق مداخل المخيَّمَين بالسواتر وتحويلهما إلى مناطق شبه خالية من الحياة".
أما في مخيّم نور شمس، بحسب البيان، "فقد دوّت أصوات انفجارات ضخمة بالمخيّم في أول أيام العيد، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من المكان، مع تواصل عمليات الهدم التي طاولت أكثر من 20 مبنى، ضمن خطة الاحتلال لهدم 48 مبنى في نور شمس".
