
واصلت الاحتياطيات من العملات الأجنبية في الأردن ارتفاعها لتسجل مستويات قياسية جديدة، ببلوغها 22.763 مليار دولار مع نهاية مايو/ أيار الماضي، ما يكفي لتغطية واردات البلاد من السلع والخدمات لمدة 8.8 أشهر. وقال البنك المركزي الأردني في أحدث بياناته، إن قيمة موجوداته من الذهب حتى نهاية شهر مايو/أيار بلغت 7.760 مليارات دولار، في حين بلغت كميتها 2.345 مليون أونصة. ويرى مسؤولون ومختصون أن هذا الارتفاع القياسي في الاحتياطيات يعكس سلامة الوضع الاقتصادي في الأردن ونجاعة السياسة النقدية التي يطبقها البنك المركزي، إضافة إلى قدرة الاقتصاد على مجابهة التحديات وتحقيق نتائج إيجابية رغم الظروف المحلية والإقليمية والدولية.
وفي هذا السياق، أكد محافظ البنك المركزي الأردني عادل شركس أن الاقتصاد الوطني أظهر مرونة واستقرارًا ملحوظين في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مدعومًا بالإصلاحات الاقتصادية والمالية الهيكلية المكثفة التي نفذتها الحكومة خلال السنوات الماضية، إلى جانب إجراءات السياسة النقدية الملتزمة التي ينتهجها البنك المركزي، والتي عززت منعة الاقتصاد الأردني وصموده أمام التحديات. وقال شركس إن الهدف الأساسي للبنك المركزي هو الحفاظ على الاستقرار النقدي، مشيرًا إلى أن هذا الهدف مدعوم بارتفاع الاحتياطيات وانخفاض معدل الدولرة إلى 18.4% في نهاية عام 2024، فضلًا عن انخفاض معدل التضخم إلى 1.6%، مع توقعات باستقراره حول 2% في عام 2025.
وتقوم السياسة النقدية في الأردن على ربط سعر صرف الدينار بالدولار الأميركي منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتتمسك الحكومة بهذا الربط كونه عاملًا أساسيًا للمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والنقدي، والحفاظ على سعر صرف الدينار ومقاومة الضغوط، وفقًا لبيانات حكومية.
من جهته، قال أمين سر جمعية الصرافين الأردنيين وممثل القطاع المالي في غرفة تجارة عمّان علاء ديرانية لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية إلى هذا المستوى يعكس وضعًا اقتصاديًا إيجابيًا، رغم الصعوبات التي تواجه الأردن، وتداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتبعات جائحة كورونا، فضلًا عن الأوضاع العالمية بشكل عام. وأضاف أن هذا المستوى من الاحتياطيات يعني تغطية الواردات لفترة تقارب 9 أشهر، إضافة إلى إعطاء مؤشرات ثقة على متانة السياسة النقدية التي يطبقها البنك المركزي الأردني. وتوقّع أن يحقق الاقتصاد الأردني أداءً إيجابيًا أفضل خلال الفترة المقبلة، مع تطبيق الحكومة لمسار إصلاحي متكامل في الشأن الاقتصادي، يستهدف زيادة النمو، والحد من الفقر والبطالة، وتعزيز الجاذبية الاستثمارية للمملكة، والتركيز على تسريع الأولويات التنموية.
بدوره، قال ممثل القطاع المالي والمصرفي في غرفة تجارة الأردن فراس سلطان، إن ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي إلى مستويات قياسية يعكس متانة النظام النقدي والمصرفي المحلي، ويشكّل مظلة أمان للاقتصاد الأردني على المديين المتوسط والطويل، خاصة في ظل المشهد الضبابي سياسيًا واقتصاديًا في المنطقة والعالم. وأوضح، في تصريحات صحافية سابقة، أن تنامي الاحتياطيات الأجنبية ينعكس إيجابًا على رفع مستوى ثقة المستثمرين والمواطنين بالهيكلية المالية والمصرفية الوطنية، إضافة إلى تعزيز الثقة بالدينار الأردني، سواء لدى المواطنين أو المستثمرين الخارجيين.
وأشار ممثل القطاع المالي والمصرفي في غرفة تجارة الأردن إلى أن ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية يمثل أيضًا حصانة للاقتصاد الوطني خلال الأزمات والكوارث، إذ إن الرصيد الحالي من الاحتياطيات يكفي لتغطية مستوردات الأردن من السلع والخدمات بما يتوافق مع مستويات الأمان العالمية. وأكد سلطان أن السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي الأردني منذ سنوات طويلة، بالشراكة مع القطاع المصرفي بشقيه العام والخاص، والتزامهما بالسياسة المالية لضبط العجز وتحقيق التوازن بين الاستقرار والنمو، قد ساهما في حماية الاقتصاد الوطني من تقلبات الأسواق العالمية، وحافظا على مستوى آمن من الاحتياطيات الأجنبية.

Related News


