
شهدت الخطب التي اعتادها القادة السياسيون والزعامات الدينية والحزبية في العراق خلال عيد الأضحى، تحشيداً انتخابياً واضحاً، غلبت عليه الرسائل الموجهة للخصوم، والحث على المشاركة، وعدم مقاطعة الانتخابات، وذلك في إطار الاستعداد للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وعلى نحو مماثل لسنوات ماضية، ألقت زعامات دينية وسياسية وأخرى لفصائل مسلّحة، خطباً دينية عقب صلاة العيد التي وافقت اليوم السبت، أول أيام عيد الأضحى بالنسبة إلى العراقيين الشيعة، كذلك حملت البيانات ورسائل التهنئة الشيء ذاته. ووفقاً لمراقبين، فإن هذا الحديث يشير إلى مسارين: الأول المخاوف من انهيار نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة، والثاني مخاوف الأحزاب من تراجع جماهيرها المنتظمة ضمن السجلات الحزبية، خصوصاً أن معظم الأحزاب باتت مهددة بالانهيار من جرّاء تسرب جماهيرها، وانضمامهم إلى مجاميع مقاطعة العمل السياسي والحزبي.
وكان نوري المالكي، وعمار الحكيم، وقيس الخزعلي، أبرز من تصدر مشهد "خطابة العيد"، وبيانات التهنئة اليوم. وقال زعيم تيار "الحكمة" عمار الحكيم، خلال خطبة عيد الأضحى ببغداد: "نراهن على شجاعتكم في ألا تتركوا الساحةَ فارغة للفاشلين، أو تركنوا لأصوات الإحباط واليأس، ونراهن على وعيكم في ألا تسمحوا لأحد بمصادرة صوتكم أو تزييف إرادتكم الوطنية، شاركوا، وراقبوا، واختاروا، وكونوا أصحاب قرارٍ لا مجرد أرقام في صناديق الاقتراع"، معتبراً الانتخابات "مصيرية في تاريخ العراق"، ويجب "ألا تضيعوها".
كذلك تحدث زعيم جماعة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، عن أن "الدورة الانتخابية الحالية تمثل نقطة تحوّل إيجابية، كذلك إن نسبة الفقر في إقليم كردستان أعلى من بقية المناطق، رغم توفر الموارد، وإن رواتب موظفي الإقليم لا تزال غير متوفرة نتيجة عدم التزام حكومة الإقليم تسليم واردات النفط والمنافذ الحدودية لبغداد". واعتبر أن "العراق لا يزال يعاني من سوء الفهم لمفهوم المسؤولية العامة، وهذا الفهم المغلوط تفاقم بعد عام 2003، ما أدى إلى فشل متكرر في إدارة الملفات الوطنية، وعلى رأسها الكهرباء والمياه والوضع الاقتصادي في إقليم كردستان".
من جانبه، دعا رئيس الوزراء الأسبق وزعيم حزب الدعوة، نوري المالكي، إلى إجراء تدقيق أمني في خلفيات المرشحين والأحزاب، للكشف عن المتورطين في الترويج، أو التمهيد، أو التبرير لأفكار حزب البعث"، في الانتخابات المقبلة، وفقاً لقوله. وفي السياق، بيّن الناشط السياسي وعضو الحزب الشيوعي العراقي أيهم رشاد، أن "زعماء الأحزاب في العراق يستغلون كل المناسبات للدعاية السياسية والانتخابية، والشحن الجماهيري، وللأسف فإن بعضهم يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، عبر إذكاء الخطاب الطائفي".
وأوضح لـ"العربي الجديد" أن "معظم هؤلاء القادة والزعماء يخشون العزلة الاجتماعية، لذلك فإنهم يتحدثون في أكثر من موضوع سياسي في الخطب الدينية، سواء كانت صلوات الجمعة أو الأعياد، وهذا الشعور متأتي من مخاوف حقيقية تشرح فشلهم في خلق قواعد جماهيرية لأنهم فشلوا في الحكم". أما الباحث في الشأن السياسي عبدالله الركابي، فقد لفت إلى أن "الحكيم والخزعلي وغيرهما، يستدعون لانتخابات مصيرية في ظل المتغيرات الإقليمية، وأنهم صادقون في الحديث عن كون الانتخابات المقبلة مصيرية، لأنها إما أن تتركهم لمرحلة مقبلة في حكم البلاد، وإما لولادة جماعات سياسية أخرى تزاحمهم، تقدم على تنحيتهم من المشهد السياسي".
واستكمل حديثه مع "العربي الجديد"، بالقول إن "الانتخابات المقبلة سيكون فيها التنافس على أشده، وإن الأحزاب التي تنوي المشاركة تريد استغلال كل الاحتفالات، بل إن بعضها ستقدم خلال الفترات المقبلة على ابتكار المؤتمرات والمهرجانات تحت عناوين وطنية وعراقية لأجل كسب الانتخابات وخلق منصات جديدة للتواصل مع الجمهور".
وشهد العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003 خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولها في 2005 (قبلها أجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقلّ من عام)، فيما كانت الأخيرة في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، واعتُمِد قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة في النسخ الأربع الأولى، وفي مارس/ آذار 2023 صوّت البرلمان على التعديل الثالث لقانون الانتخابات البرلمانية العراقية الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.

Related News


