جنوب لبنان بعد الحرب... مواقف تعيد رسم العلاقة مع فلسطين
Arab
14 hours ago
share

لم تكن القضيّة الفلسطينيّة في جنوب لبنان يومًا خبرًا عابرًا، بل جزءًا من تفاصيل الحياة اليوميّة ومسألة وجدانيّة حملها الجنوبيّون كقضيّة حقّ، فتحمّلوا تبعاتها وعايشوا تداعياتها على أرضهم وفي بيوتهم.ولكن بعد مرارة الثّمن المدفوع على خطوط النّار في الحرب الأخيرة، عادت القضيّة الفلسطينيّة لتطرح نفسها مجدّدًا في أوساط الجنوب اللّبناني، فبدأت المقاربات تتنوّع ونبرات أصوات النّاس تتغيّر.

كان واجبنا أن نقف إلى جانبهم طبعًا، ولكن دفعنا ثمنًا غالٍ جدًّا، لذلك إذا عدنا بالزّمن نحن الآن بالطبع ضدّ المساندة، فمن الضّروري فصل لبنان عن غزّة أو فلسطين.

بين تأييد القضيّة والمعاناة المتكرّرة، لم تغب مشاعر التّضامن عن الجنوبيّين، لكنّهم باتوا يبحثون عن سبل ووسائل قادرة على إحداث النتائج المرجوّة، لا عن دعم مشروط بالتورّط التلقائي والغرق في الحروب.

القضيّة الفلسطينيّة كقضيّة إن كان قبل الحرب أو بعدها، هي قضيّة حقّ، ولكن الأساليب المعتمدة ليست مطابقة ولا تأتي أُكُلها، فتحرير فلسطين بحاجة إلى جهود أمم ودول كبيرة، لا منظّمة صغيرة.

ورغم بقاء الإنتماء للقضيّة حاضرًا في وجدان كثيرين، إلّا أنّ الشعور المتزايد بالرغبة في تحييد لبنان عن الصّراعات بات يفرض نفسه كأولويّة، فالأمن أصبح حاجة ضروريّة لا مجال للمساومة عليها.

تربينا على حبّ فلسطين ودعمنا للقضيّة، ولكن نريد أن نعيش بأمان، فمن الضّروري الفصل بين دعمنا لها والحفاظ على أمن بلدنا، قرانا ومنازلنا، فنحن لم نعد نريد الحروب ولا أن نكرّر تجارب الماضي.

ومع هذه الأصوات التي تعبّر عن تحوّل في المزاج الجنوبي العام لا للقضيّة نفسها ولا للمبادئ المرتبطة بها، بل للمقاربات وكيفيّة الدعم، تعلو أصوات ولو خجولة لتطرح تساؤلات أكبر حول جدوى الاستمرار في الخطّ السياسي نفسه في ظلّ تغيّر المواقف الإقليميّة والدوليّة. 

بالنّسبة لنا، القضيّة الفسلطينيّة انتهت منذ أن وقّع الرئيس الفسلطيني ياسر عرفات مع إسرائيل اتفاقيّة أوسلو عام 1993، كما أنّنا وصلنا إلى مرحلة باتت كلّ الدول العربيّة فيها تعترف بإسرائيل وتطبّع معها، فما الداعي أن ندفع نحن الثمن دائمًا وحدنا؟

بين التّضامن مع قضيّة تعتبر جزءًا من النّضال التاريخيّ والتّعب من أثمان باهظة لم تعد تحتمل، يقف الجنوبيّون اليوم أمام مفترق طرق صعب: أن يحبّوا فلسطين ويدعموا قضيّتها من دون أن يخسروا أرضهم وناسهم.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows