نقابة المحامين المصرية في تصعيد مستمر رفضاً لـ"الرسوم القضائية"
Arab
13 hours ago
share

تصعّد نقابة المحامين المصرية مواجهتها ضد القرار "غير الدستوري" بزيادة الرسوم القضائية، الذي يهدد، وفق النقابة، بتقييد حق المواطنين في الوصول إلى العدالة. فبعد أسابيع من الرفض والاحتجاجات المتواصلة على قرار مجلس رؤساء محاكم الاستئناف زيادة رسوم التقاضي اعتباراً من مارس/آذار الماضي، لا تزال النقابة متمسكة بموقفها محذرة من تداعيات القرار على استقلالية مهنة المحاماة وعلى المبدأ الذي يقول إن "التقاضي حق أصيل للجميع لا يُشترى ولا يُباع".

اندلعت شرارة الأزمة مع إصدار مجلس رؤساء محاكم الاستئناف، في مارس الماضي، قراراً يقضي بزيادة "رسوم الخدمات المميكنة (باستخدام التكنولوجيا)" القضائية، التي قالت نقابة المحامين المصرية إنها "ارتفعت بنسبة 500%". وجاء هذا القرار من دون تعديل تشريعي من مجلس النواب، ما دفع النقابة إلى إعلان حالة الطوارئ مؤكدة أن "فرض أو زيادة الرسوم القضائية يجب أن يتم بقانون، وليس بقرار إداري"، ما يجعل القرار باطلاً وغير دستوري. كما انعكس رفض القرار في وقفات متزامنة نظمتها النقابة في القاهرة، والنقابات الفرعية في المحافظات، احتجاجاً على ما اعتبرته مساساً بحق المواطنين في التقاضي.

عضو في مجلس نقابة المحامين: خيار دعوة الجمعية العمومية للانعقاد يظل قائماً ومطروحاً 

تصعيد إجراءات نقابة المحامين المصرية

في ظل الموقف المتأزم بين نقابة المحامين المصرية والسلطات القضائية بشأن زيادة الرسوم، يؤكد عضو في مجلس نقابة المحامين، لـ"العربي الجديد"، استمرار الإجراءات التصعيدية. وتشمل تلك الإجراءات قرار الامتناع عن توريد أي مبالغ مالية في خزائن المحاكم، والتحذير من القرارات الفردية في التصعيد، واستمرار عقد اللقاءات والمؤتمرات مع المحامين في النقابات الفرعية. ويشير العضو، الذي رفض كشف هويته، إلى خيار انعقاد الجمعية العمومية الذي لم يُعلَن عنه بعد، إذ يقول إن "خيار الدعوة للجمعية العمومية يظل قائماً ومطروحاً على الطاولة خطوة تصعيدية كبرى"، فضلاً عن أن الخطوات التصعيدية الأكبر قد تتضمن، وفق العضو نفسه، الدعوة إلى "الإضراب الشامل في المحاكم المصرية، فيما يعتمد ذلك غالباً على مدى استجابة الجهات الحكومية والقضائية لمطالب النقابة خلال الفترة المقبلة". وخيار دعوة الجمعية العمومية لنقابة المحامين إلى الانعقاد خطوة تصعيدية كبرى قد تؤدي إلى قرارات أكثر حسماً، مثل الإضراب الشامل أو مقاطعة الجلسات بالكامل. ويشار إلى أن نقابة المحامين المصرية تواصل عقد مؤتمرات ولقاءات دورية مع المحامين في مختلف المحافظات لتأكيد وحدة الموقف، كما تحذر من اتخاذ أي قرارات فردية في التصعيد.

سلسلة إجراءات

منذ اللحظة الأولى لقرار مجلس رؤساء محاكم الاستئناف، أعلن نقيب المحامين عبد الحليم علام رفض النقابة القاطع لزيادة الرسوم، مؤكداً أن "الأمر ليس مطلباً فئوياً يخص المحامين فقط، بل يمس جوهر حق المواطن في التقاضي، ويجعل العدالة حكراً على من يستطيع دفع تكاليفها الباهظة". وأوضح علام أن بعض الرسوم ارتفعت بشكل جنوني، مثل رسم مراجعة الحافظة (السجل قضية) الذي قفز من "لا شيء" إلى 33 جنيهاً للورقة الواحدة (70 سنتاً)، ما يُشكل عبئاً لا يُطاق على المتقاضين، خصوصاً من محدودي الدخل. وفي خطوة تصعيدية أولى، قررت النقابة العامة للمحامين (المقر الرئيسي في القاهرة) الامتناع عن توريد أي مبالغ مالية في جميع خزائن محاكم الجمهورية بكافة درجاتها، بدءاً من منتصف إبريل/ نيسان الماضي، في محاكم الاستئناف ومأمورياتها. ولاقى هذا الإجراء الهادف إلى الضغط على الجهات المعنية التزاماً واسعاً من قبل المحامين، ما أثر على حركة التقاضي في بعض الدوائر.

لم تتوقف النقابة عند هذا الحد، بل هددت بإجراءات تأديبية صارمة ضد أي محامٍ يخالف قرار الامتناع عن حضور الجلسات المتعلقة بهذه الرسوم، مع إمكانية وقف الخدمات النقابية عن المخالفين. ونظمت النقابات الفرعية في مختلف المحافظات، من المنيا إلى الإسكندرية، وقفات احتجاجية سلمية، مرددة شعارات أكدت "حق التقاضي" و"رفض الرسوم الباهظة". وفي تأكيد لاستمرارية الموقف التصعيدي، أعلن نقيب المحامين، في التاسع من مايو/ أيار الماضي، عن تكفل النقابة برسوم القضايا المشطوبة بعد "تعنت" بعض دوائر محاكم الاستئناف في مواجهة احتجاجاتهم، في إشارة واضحة إلى استعداد النقابة لتحمل تبعات قرارها من أجل حماية مصالح المحامين والمتقاضين.

في المقابل، جاء الرد الوحيد المعلن من الجهة التي أصدرت القرار، أي مجلس رؤساء محاكم الاستئناف، بإعلانه، نهاية الشهر الماضي، عن خفض الرسوم في بعض القضايا. وعلى الرغم من أن هذا الخفض يُعد استجابة جزئية للضغوط النقابية، إلا أن نقابة المحامين رفضته بشكل قاطع. فالموقف النقابي الثابت هو أن "النقابة ترفض الزيادة من الأساس وتعتبرها غير قانونية وغير دستورية"، وبالتالي، فإن أي تخفيض لزيادة مرفوضة أصلاً لا يغير من جوهر الموقف. وأكد هذا الموقف نقيب المحامين في تصريحاته، فالنقابة ترفض أي حلول وسط لا تتضمن الإلغاء الكامل للزيادات، وتستمر في التمسك بقرار الامتناع عن توريد الرسوم.

حذر عدد من النواب المصريين من عواقب فرض أعباء جديدة على خدمات التقاضي

دعم نقابي وحزبي

حظيت نقابة المحامين المصرية بدعم كبير من نقابات مهنية أخرى، أبرزها نقابة الصحافيين ونقابة المهندسين اللتان أصدرتا بيانات تضامنية تعتبران فيها أن زيادة الرسوم القضائية "انتهاك صارخ للدستور"، وعبء إضافي على المواطنين. كما انضمت أحزاب سياسية كبرى، مثل حزب الوفد وحزب العيش والحرية، إلى صفوف المؤيدين نقابةَ المحامين، مؤكدة أن الأزمة قضية عامة وشأن مجتمعي يمس جوهر العدالة وحقوق المواطنين كافة في التقاضي. ومن داخل البرلمان، حذر عدد من النواب من عواقب فرض أعباء جديدة على خدمات التقاضي، مؤكدين أنهم أقسموا على حماية مصالح المواطنين ولن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام إجراءات تُقيد حق التقاضي وتُثقل كاهل المواطن. وتُشير هذه المواقف إلى وجود ضغوط من عدة اتجاهات على الحكومة والجهات القضائية لإعادة النظر في القرار. أزمة الرسوم القضائية في مصر ليست مجرد خلاف إداري، بل هي معركة حول مبادئ العدالة وحق المواطنين في اللجوء إلى القضاء. فبينما تتواصل جهود النقابة للتواصل مع "جميع الجهات المعنية" لحل الأزمة، يظل مصير آلاف المحامين وملايين المتقاضين معلقاً على حكمة القرار النهائي، وما إذا كانت مبادئ العدالة الدستورية ستنتصر على الأعباء المالية الجديدة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows