عيد بلا ملامح في عدن.. الأضاحي حلم والملابس رفاهية مؤجلة
Party
1 day ago
share

"عيدٌ بأي حال عدت يا عيد" مطلع قصيدة شهيرة أطلقها قبل مئات السنين الشاعر العربي المعروف أبو الطيب المتنبي يعاتب العيد ويشكو له وضعه المزري، لم تقف الشكوى عنده بل يردده كثير من اليمنيين في كل عام مرة أو مرتين.

في سوق الشيخ عثمان، بمدينة عدن انطبق المثل اليمني على "ام سامر"  "خرجت من السوق عطل" بعدما غادرت السوق عاجزة أن تشتري ملابس العيد لطفلها.

تجولت السوق، وزارت معظم محلات الملابس لعلها تجد سعرا يناسب ما بحوزتها من نقود، تقف تحدق في الأسعار ثم تمضي.

برفقتها طفلها "سامر" (8 أعوام)، يسألها، عند كل محل تزوره، متى تشتري لي بدلة العيد؟، لا إجابة تملكها وعدته أنها ستحاول مرة أخرى.

تقول في حديثها لـ "الصحوة نت" إن العيد هذا العام مختلف لا يشبه الأعوام الماضية، يعجز الواحد أن يكسو طفله".

 

يكتظ السوق بالبضاعة والمارة، لكن قليلون قادرون على شراء احتياجات العيد، فالناس تشكوا من عدم قدرتهم على الشراء، وكذلك يتحدث التجار.

 

ومع استعداد سكان العاصمة المؤقتة عدن، لاستقبال عيد الأضحى المبارك، يقول سكان إن ملامح العيد هذا العام تكاد تكون غير موجودة، سواء الزينة أو فرحة الناس بالعيد.

 

يرجع الناس اختفاء تلك المظاهر إلى الوضع الاقتصادي وتدهور سعر العملة المحلية، واضمحلال الراتب الذي لم يعد يفي بأبسط الاحتياجات الأساسية.

 

تكتظ أسواق مدينة عدن بالبضائع لكنها كما يصفها البعض من أبناء المدينة وتجارها أيضا بأنها باتت موحشة بأسعارها ورداءة الحركة ووجع الزبائن، أسعار تلامس السماء، في حين أصبحت قدرة الناس الشرائية تقع في الحضيض.

 

الأوضاع الاقتصادية وتدهور العملة جعلت العيد فرحة مؤجلة لعائلات تعجز عن تأمين أبسط مستلزماته.

 

عيد موجع

في زاوية أحد المحال التجارية بحي كريتر، وقف حسين عبدالقادر، الموظف الحكومي الخمسيني، يتأمل واجهة زجاجية لملابس الأطفال دون أن يجرؤ على الدخول. يعلق بحسرة: "كنا نعدّ العيد موسمًا للفرح، ولو بالقليل، لكن هذه الأيام صار العيد عبئًا ماليا ونفسيا".

 

ويضيف في حديثه لـ "الصحوة نت" "أنا موظف، لكن مرتبي لا يكفي مصروف البيت لأسبوع، لا لحمة، ولا ملابس، ولا حتى كهرباء تخفف عنا حر عدن. العيد يأتي ثقيلًا، ونحاول أن نخفي وجعنا عن أولادنا بابتسامة مصطنعة".

 

لم تختلف سُمية سالم، وهي أم لثلاثة أطفال، في شكاها عن الموظف حسين، تقول إنها وعدت اطفالها إلى العيد، قلنا لهم: اصبروا.. العيد قرّب، نفرّحكم".

 

تضيف في حديثها لـ "الصحوة نت" لكن عندما نزلنا السوق، عرفنا أن العيد ما عاد لنا، كل شيء غال، الأسعار مرتفعة، حتى أرخص طقم للأطفال صار بحجم مصروف الشهر كامل".

 

وتتابع سُمية: "لم نعد نبحث عن أضحية أو كماليات، صارت الأولوية أن نؤمّن لقمة اليوم، نحاول أن نُفرحهم بالكلمة، بالحنان، بالحكاية، أما اللبس الجديد، فهو فرحة مؤجلة حتى إشعار آخر".

 

وبين أمنيات الصغار وصمت الآباء، يمرّ العيد في عدن وغيرها من المحافظات اليمنية بخطى مثقلة، ضيفًا ثقيلًا على بيوت أنهكها الغلاء.

الأضاحي لمن استطاع إليها سبيلا

 

في سوق الأضاحي بمديرية المنصورة، وقف عبد الله، رب أسرة، يرقب السوق مستغربا كيف تحول العيد إلى عبئ وهم، يتمتم " هذا العام الأمور تغيّرت".

يؤكد عبد الله في حديثه لـ "الصحوة نت"، أن أسعار الأضاحي ارتفعت بشكل غير معقول، وأن راتب الموظف لم يعد يكفي للاحتياجات الأساسية، كالدقيق والزيت، فكيف سيتمكن من شراء الأضحية.

 

يضيف عبد الله بعد "تنهيدة" "الكثير من الناس هنا يسألون فقط، وقليل منهم يشتري، الأضحية صارت شيء صعب على كثير من الأسر، خاصة أصحاب الدخل المحدود وهم الأغلبية".

 

وفي مكان آخر، تلتقط فاطمة سالم، أم لأربعة أطفال، أنفاسها بين زحمة السوق، وهي تعبر عن مرارة الأيام: "كنت كل سنة أفرح أولادي بالعيد، أضحية وملابس جديدة، لكن اليوم صار كل شيء صعب، فالأسعار نار، والمعيشة صعبة، ولا خيار لنا إلا الاقتصار على الأساسيات".

وتتابع بحزن في حديثها لـ "الصحوة نت" "الأضحية التي هي سنة مؤكدة، ورمزًا للعيد، صارت رفاهية لا نقدر الوصول إليها".

وفي خضم هذه المشاهد الموجعة، يتجلى واقع مؤلم يعكس معاناة المجتمع، حيث يتحول يوم العيد إلى تحد وهم إضافي لقائمة الهموم التي يتحملها المواطنون في ظل الأوضاع الحالية، كما يؤجلون بصعوبة وبشكل اجباري، فرحة أطفالهم الى اجل غير مسمى.

 

ورغم كل ذلك، تبقى أرواح الأهل مفعمة بالأمل، مؤمنة بأن الغد سيحمل لهم أفراح أجلت لسنوات، وسيكون مناسبة لوعد بحياة أفضل لا محالة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows