هل يتحمّل اقتصادا الهند وباكستان نشوب حرب بين البلدين؟
Arab
4 days ago
share

تصاعدت حدة التهديدات المتبادلة بين الهند وباكستان بشن حرب بين البلدين، على خلفية هجوم استهدف سياحاً هنوداً في الجزء الذي تسيطر عليه الهند من إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة اقتصاد كل منهما على تحمل تداعيات حرب بين بلدين نوويين، في وقت يواجه اقتصادهما تحديات في ظل الحرب التجارية العالمية التي أشعلها فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية على واردات بلاده من جميع الدول.

ورصدت وكالة بلومبيرغ في تقرير لها، اليوم الاثنين، الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلدان، فبالنسبة للهند، اندلعت الأزمة في خضم مفاوضاتٍ مكثفة حول اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة، تأمل نيودلهي أن تُجنّبها ما يُسمى بالرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترامب. ويعوّل رئيس الوزراء ناريندرا مودي على هذه الاتفاقية لتعزيز موقف الهند أمام المستثمرين العالميين، باعتبارها ملاذاً آمناً من حرب ترامب التجارية.

من جانبها، تخرج باكستان نفسها من أزمة اقتصادية كادت تُفلسها، بفضل برنامج قروض من صندوق النقد الدولي بقيمة 7 مليارات دولار. وتمضي الحكومة قدماً في إصلاحاتها الاقتصادية الأكثر جدية منذ عقود، سعياً لتأمين مزيد من الدعم.
ألقت الهند باللوم في الهجوم على باكستان، ونفت الأخيرة تورطها. وصرّح وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ بأن الهند سترد "رداً مناسباً". بينما تعهّدت باكستان بالرد على أي هجوم، واختبرت يوم الاثنين صاروخاً أرض-أرض للمرة الثانية في الأيام الأخيرة. وقالت إنها ستُبلغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رسمياً بالوضع.

يدفع التصعيد الأخير بين البلدين كليهما إلى تحويل انتباهه بعيداً عن هذه الأولويات الاقتصادية، والعودة إلى تنافسهما المستمر منذ عقود على منطقة جامو وكشمير المتنازع عليها. وقالت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في ناتيكسيس لبلومبيرغ: " حدوث ذلك في هذه اللحظة بالذات، إنه لأمر مؤسف للغاية". وأضافت أنه بالنسبة لنيودلهي على وجه الخصوص "سيجري تأجيل كل هذا الجذب العالمي الهائل للهند، بطريقة ما". 

مخاطر الصراع على اقتصاد الهند

وفقاً للتقرير ذاته، فإن المخاطر المحتملة للصراع العسكري عالية بالنسبة للهند. ويُصوّر مودي الهند وجهة جاذبة للمستثمرين ومعقلاً للاستقرار في آسيا، إذ تُسقط الحواجز التجارية القائمة منذ فترة طويلة. وتظهر بوادر مبكرة على أن الهند قد تكون المستفيد الرئيسي من حرب ترامب التجارية، حيث تُحوّل شركات متعددة الجنسيات المزيد من عملياتها إلى الهند بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. كما يُمكن أن يُشتّت الصراع المُطوّل انتباه نيودلهي عن جهودها الرامية إلى إبرام اتفاقية تجارية ثنائية مع الولايات المتحدة، وهي نتيجة "قريبة للغاية"، وفقاً لوزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت.

 

وأضافت غارسيا هيريرو أنه إذا بدت الهند معتدية، فقد يعوق ذلك المحادثات بشأن اتفاقيات منفصلة ترغب الهند في إبرامها مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. كما أن الصراع العسكري ينطوي على مخاطر إشراك الصين، المنافس الإقليمي الرئيسي للهند والداعم القديم لباكستان. بعد الهجوم، قالت بكين إنها "الصديقة القوية لباكستان وشريكتها الاستراتيجية في جميع الظروف"، و"تتفهم تماماً المخاوف الأمنية المشروعة لباكستان".

أما امتيارز غول، المدير التنفيذي لمركز البحوث والدراسات الأمنية في إسلام أباد، فقد أكد أنه لا توجد فوائد تُذكر للهند من صراع طويل الأمد. وأضاف: "أنهم يعلمون أنه بمجرد دخولهم في تصعيد عسكري، فإنه سيخلق حالة من عدم اليقين، ولن يخاطروا باقتصادهم ولو ليوم واحد". 

مخاطر اقتصادية في باكستان

كما أن المخاطر طويلة المدى للتصعيد العسكري على باكستان شديدة أيضاً، حيث تحاول البلاد إعادة بناء اقتصادها الممزق بعد اقترابها من التخلف عن سداد ديونها في عام 2023. وتعمل إسلام أباد على تأمين إعفاء من الرسوم الجمركية المتبادلة البالغة 29% التي فرضتها إدارة ترامب. 

وأعلنت باكستان أنها سترسل وفداً تجارياً إلى واشنطن خلال الأشهر المقبلة لسد الفجوة التجارية مع الولايات المتحدة، أكبر سوق تصدير لباكستان. وقد استقر الاقتصاد، مع تراجع التضخم بعد أسرع موجة من ارتفاع الأسعار في تاريخها. أما ديون باكستان، التي تكاد تكون قابلة للإدارة، فهي مشروطة بتخفيف أعباء القروض من الصين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بشكل منتظم. 

وقال فيليب ماكنيكولاس، الخبير الاستراتيجي في شؤون الدول السيادية الآسيوية لدى شركة روبيكو لإدارة الأصول: "من منظور السوق، تبدو باكستان الأكثر عرضة للخطر". وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني اليوم إن تصاعد الخلافات بين الهند وباكستان سيؤثر بالنمو الاقتصادي لباكستان الذي يبلغ حجمه 350 مليون دولار، والذي يسير على طريق التعافي بعد تأمين برنامج إنقاذ بقيمة سبعة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي العام الماضي ودرء خطر التخلف عن السداد. وأضافت موديز وفقاً لوكالة رويترز، أن استمرار التوتر قد يضغط على احتياطيات باكستان من النقد الأجنبي، ويقلص إمكانية حصولها على التمويل الخارجي، لكنها لم تتوقع صراعاً عسكرياً واسع النطاق. 

 ويأتي هذا بعد يومين من تقرير لرويترز جاء فيه أن الهند طلبت من صندوق النقد الدولي إجراء مراجعة بشأن القروض لباكستان. ولكن، حتى الآن ومع تصاعد التوترات، أظهرت أسواق الأسهم في الهند صموداً بعد هجوم كشمير. كما قلص المؤشر الرئيسي الباكستاني خسائره من انخفاضه الذي أعقب الهجوم. وقال سليمان رفيق مانيا، مدير ثروات مستقل في كراتشي: "هناك الكثير من التعصب القومي بين الجانبين". وأضاف أنه في حين أن الضربات العسكرية المحدودة لا تزال محتملة، فإن أياً من البلدين لا يرغب في صراع طويل الأمد، مضيفاً أن أياً من عملائه لا يتخلص من أسهمه المحلية.

وقال: "أشعر بأن هناك انخفاضاً ملحوظاً في أسعار الأسهم خلال الأسابيع القليلة المقبلة". ووفقاً لإندراني باغشي، الرئيسة التنفيذية لمركز أنانتا أسبن، في نيودلهي، فإنّ الهند قد تشعر بأنه ليس لديها خيار سوى الرد، رغم المخاطر الاقتصادية. 

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows