هل يستمرّ ماكرون في تنفيذ الاعتراف بالدولة الفلسطي
Arab
7 hours ago
share

شكّل اندلاع مواجهة عسكرية بين إسرائيل وإيران، بعد الهجوم الإسرائيلي غير المبرّر على واحدة من أكبر دول الشرق الأوسط وأكثرها تسلّحاً، نكسةً جديدةً لمحاولات فرنسا، وبعض الدول الغربية، الدفع نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فقد أُرجئ مؤتمر دولي حُضّر له منذ أشهر. ورغم اندلاع هذه الحرب، لم تتوقّف الجهود الفرنسية الرامية إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وإن أُجّلت جزئياً بسبب صعوبة مغادرة الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس مقرّه في رام الله.
اندلعت المواجهات خلال انعقاد مؤتمرٍ في باريس لمؤسّسات من المجتمعَين المدنيَّين الفلسطيني والإسرائيلي تنشط في مجال السلام. وكان من المفترض أن يحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجلسة الختامية، لكنّه أوفد أحد وزرائه لتمثيله، ولكنه أعلن لاحقاً استضافة المشاركين في المؤتمر في قصر الإليزيه.
الحدث العام الذي نظمه ماكرون في الإليزيه (13 يونيو/ حزيران الجاري) جاء بقرار في اللحظة الأخيرة، فقد خطّط سابقاً لحضور الجلسة الختامية للمؤتمر، الذي هدف إلى تحفيز الزخم قبيل اجتماع رفيع المستوى، برعاية سعودية فرنسية، كان من المزمع عقده بين 17 و20 يونيو/ حزيران الحالي في مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك. ويركّز الاجتماع في تنفيذ الاعتراف بالدولة الفلسطينية في إطار حلّ الدولتَين، غير أن تجدّد العنف في الشرق الأوسط صباح اليوم الثاني من المؤتمر، بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، حال دون مشاركة ماكرون شخصياً، فترأّس الجلسة الختامية مسؤول رفيع في حكومته.
شهد المؤتمر الذي امتد ثلاثة أيام، كلمات ونقاشات مهمّة، فقد أطلق ناشِطو سلام إسرائيليون نداءات علنية قوية لإنهاء الحرب على غزّة، وذهب بعضهم إلى وصف ما يحدث "إبادة جماعية" و"جرائم حرب". ودعا هؤلاء (بمن فيهم إسرائيليون) الدول الغربية إلى مقاطعة حكومة نتنياهو، وأشادوا بقيود فرضتها بعض الدول أخيراً على وزيرَين من اليمين الإسرائيلي المتطرّف.

تجدّد العنف في الشرق الأوسط بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، حال دون مشاركة ماكرون شخصياً في المؤتمر الدولي لحل الدولتين

شارك في الجلسة الختامية رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت ووزير الخارجية الفلسطيني الأسبق ناصر القدوة، غير أن أبرز لحظة في المؤتمر جاءت من الصحافية الفلسطينية ريتا بارود (22 عاماً)، التي غادرت قطاع غزّة في وقت سابق، وقالت إنها لم تختر العمل الصحافي، بل اضطرّت إلى ذلك لسدّ الفراغ الذي تركه منع إسرائيل دخول الصحافيين الأجانب إلى غزّة.
وجهت بارود نداءً عاطفياً ومباشراً: "هناك مليونا إنسان يريدون أن يعيشوا في غزّة. هذه الحرب يجب أن تنتهي الآن". قوبل خطابها بتصفيق حارّ وحفاوة بالغة، عكست قوةَ حضورها وشغفها بالسلام. ولاحقاً (في اليوم نفسه) دُعيتْ بارود إلى لقاء الرئيس ماكرون في قصر الإليزيه، حيث استقبل المشاركين لإجراء حوار خاصّ معهم. وبعد مؤتمر صحافي أشار فيه ماكرون إلى اتصالاته مع كل من نتنياهو ومحمود عبّاس، التقى الحضور في حديقة القصر. وفي كلمته إلى المشاركين في المؤتمر في حديقة قصر الإليزيه، شدّد ماكرون على أخطار نزع الإنسانية، وقال إن هذه الظاهرة كانت سبباً في كلٍّ من هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر (2023)، والردّ الإسرائيلي العنيف عليه، وجدّد التزامه بمبدأ الكرامة الإنسانية، وبضرورة حلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأشاد برسالة الرئيس عبّاس، التي أُرسلت إليه، وإلى وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان، تمهيداً لاجتماع نيويورك المنتظر.
ورغم أسفه لتأجيل الاجتماع، أكّد ماكرون أن التأجيل سيكون قصيراً، وأن عملية السلام مستمرّة، وقضى قرابة ساعة وهو يصافح الحضور، يلتقط معهم الصور ويستمع إليهم باهتمام، وإن لم يقدّم جدولاً زمنياً محدّداً لإنهاء الحرب في غزّة، ووقف الجرائم والانتهاكات المستمرّة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة.
أعرب الرئيس الفرنسي عن ثقته في أن الظروف مهيأة الآن لحلّ الصراع المستعصي، وأكّد التزام بلاده بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، معرباً عن أمله في حشد دعم دول أخرى لهذا المسار. كما تحدّث عن حزمة متكاملة تشمل إطلاق سراح الرهائن، وإنهاء الحرب، ونزع سلاح "حماس"، وتنفيذ خطط عربية لما بعد الحرب تشارك فيها السلطة الفلسطينية، وهي خطوات قال إنها قد تفتح الطريق أمام اعتراف دولي واسع بفلسطين، بما في ذلك اعتراف فرنسا. أعطى مؤتمر باريس أيضاً مساحةً نادرةً لمنظّمات المجتمع المدني الفلسطيني التي تعمل في حوار وتعاون مع نظيراتها الإسرائيلية. وبينما دعت حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) إلى مقاطعة المؤتمر، رأى المشاركون أن هدف الاعتراف الدولي بفلسطين أسمى من أن يُفوَّت.
يبقى أن نرى ما إذا كان هذا المؤتمر سيمثّل انطلاقةً جديدةً مستدامةً لجهود المجتمع المدني، أم مجرّد حدث استثنائي حفّزه إصرار الرئاسة الفرنسية على دفع ملفّ الاعتراف بفلسطين. لكن في ظلّ المتغيّرات الإقليمية والهجوم الإسرائيلي على إيران، قد تكون فرنسا اليوم في موقع أقوى للمساهمة في إنهاء هذا الصراع المزمن.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows