في الذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية:العالم يحتفل بـ”يوم النصر”وغزة تباد في صمت مريب
Party
1 week ago
share

الرشـــــــــــاد برس | تقاريـــــــــــــــر
في الثامن من مايو/أيار من كل عام، يقف العالم متأملاً أمام لحظة فاصلة من تاريخه: ذكرى استسلام ألمانيا النازية وانتهاء الحرب العالمية الثانية (1939–1945)، التي أودت بحياة ما يناهز 60 مليون إنسان، وغيّرت مجرى السياسة العالمية، وخطّت ملامح النظام الدولي الحديث. ثمانون عامًا انقضت على ذلك الانتصار المكلل بدماء ملايين الضحايا، وبينما تُقام الاحتفالات في العواصم الكبرى، تُذبح غزة على مرأى العالم في واحدة من أبشع الجرائم الجماعية التي يشهدها العصر الحديث.

الذاكرة والاحتفال:

عواصم الغرب وروسيا أحيت الذكرى بعروض عسكرية مهيبة ومراسم تذكارية. موسكو خصّت المناسبة بعرض عسكري ضخم في الساحة الحمراء، شارك فيه 29 زعيماً أجنبياً، في استعراض يعكس رمزية الجيش الأحمر في دحر النازية. بوتين، الذي أعلن هدنة مع أوكرانيا تستمر ثلاثة أيام بمناسبة هذا اليوم، حرص على ربط إرث النصر السوفياتي بقوة روسيا المعاصرة، في محاولة لتوظيف الذاكرة التاريخية في سياق الصراع الجيوسياسي الراهن.
في الولايات المتحدة، أصدر الرئيس دونالد ترامب إعلانًا اعتُمد فيه يوم 8 مايو “يومًا وطنياً للنصر”، في حين اختارت ألمانيا إحياء الذكرى بمراسم رسمية في البرلمان الألماني (البوندستاغ)، تؤكد من خلالها على توبتها التاريخية، واعترافها بجرائم النظام النازي، وانتصار الديمقراطية على الفاشية.
لكن السؤال المُلحّ يبقى: هل تعلّم العالم فعلاً من تلك الحرب؟ أم أن تلك الذكرى تحوّلت إلى طقوس بلا مضمون، تُواكَب بصمتٍ دولي مريب إزاء مآسٍ مشابهة تُرتكب اليوم، في وضح النهار؟

غزة – المحرقة المعاصرة

على بُعد آلاف الكيلومترات من برلين وموسكو وباريس، تُسجّل غزة شهادة أخرى على خذلان الإنسانية. منذ السابع من أكتوبر، يُنفّذ في القطاع المحاصر عدوان دموي لا يُشبه إلا محارق القرن العشرين. عشرات الآلاف من الضحايا، معظمهم من الأطفال والنساء. أحياء سكنية محوها القصف. مستشفيات تُدك، ومخيمات لاجئين تُباد، ومدن تُجتثّ من الجغرافيا.
ما يحدث في غزة ليس مجرد “عملية عسكرية” أو “دفاع عن النفس” كما تروج بعض العواصم الغربية، بل جريمة مكتملة الأركان، تندرج تحت بند الإبادة الجماعية كما تُعرّفها اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948.

من صمت الأمم إلى تواطؤ العالم

العالم الذي وضع ميثاق الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية متعهداً بعدم تكرار “الهولوكوست”، هو ذاته الذي يقف اليوم عاجزاً – أو متواطئاً – أمام مذابح غزة. مجلس الأمن يُشلّ، بفعل “الفيتو” الأميركي. أوروبا تتلعثم في بيانات باردة. الدول العربية تُغرق شعوبها في بيانات الشجب، بينما تعجز عن فرض وقف إطلاق نار أو حتى إدخال شاحنات الغذاء والدواء.
منظمات حقوقية كبرى – بينها هيومن رايتس ووتش وأطباء بلا حدود – أعلنت بوضوح أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب وتطهيراً عرقياً، فيما دعا خبراء قانون دوليون لمحاكمة القادة الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ذكرى مزدوجة: انتصار الأمس… وجرائم اليوم

في حين يحتفي العالم بما يعتبره انتصارًا على الفاشية، تغرق غزة في ظلام الحصار والنار والدم. الفرق الوحيد بين الأمس واليوم هو أن جرائم اليوم تُنقل مباشرة عبر الشاشات، دون حاجة لأرشيفات سرية. العالم يرى، ويعلم، ويصمت.

غزة: مرآة لضمير الإنسانية المنهار

إن كانت برلين قد احتاجت إلى سنوات طويلة للاعتراف بجرائم هتلر، فإن غزة اليوم لا تطلب أكثر من وقف القتل. في بيوتٍ بلا أسقف، وتحت الأنقاض، تصرخ الأمهات والأطفال بما تبقى من أنفاسهم، بينما يردّد العالم نشيد “النصر” فوق ركام إنسانيتنا.

من “يوم النصر” إلى يوم الحساب

الذكرى الثمانون للحرب العالمية الثانية يجب أن تكون مناسبة لتأمل حقيقي في فشل العالم في منع تكرار المأساة. ما لم تكن غزة آخر فصول الإبادة الجماعية، فإن كل استعراضات الجيوش، وكل خطابات النصر، تبقى جوفاء.
لقد انتصر الحلفاء قبل 80 عاماً على آلة الحرب النازية. لكنهم – اليوم – يُهزمون أخلاقياً، كلما صمتوا عن إبادة جديدة تُرتكب في غزة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows