يمن مونيتور/ رصد خاص
أثار ظهور زعيم جماعة الحوثي، عبد الملك الحوثي، بخطاب مصوَّر في افتتاح المؤتمر القومي العربي الـ34 في بيروت موجة واسعة من الاستياء والانتقادات داخل اليمن وبين القيادات القومية والناصرية. واعتبر منتقدون أن تحوّل المؤتمر خلال السنوات الأخيرة إلى مظلةٍ مؤثرة من الحاضنة الإيرانية قد منح منصاتٍ لجماعات طائفية وإقليمية، فيما رأى الحوثي في كلمته أنها دعم للقضية الفلسطينية.
وقدّم زعيم الحوثيين كلمته المصوّرة أمام المشاركين في المؤتمر مهاجمًا من وصفهم بـ«الموالين لأمريكا» الذين يسعون – بحسب قوله – إلى «جرّ الشعوب نحو الخضوع للإسرائيليين والدور الأمريكي والغربي”.
واستعرض الحوثي في خطابه ما اعتبره “دعمًا للقضية الفلسطينية”، مشيرًا إلى أن جماعته نظّمت أكثر من نصف مليون فعالية مرتبطة بفلسطين، إضافة إلى برامج تعبئة وتدريب عسكري قال إنها استهدفت أكثر من مليون متدرّب.
إلا أن ظهوره في جلسات المؤتمر، التي ضمّت شخصيات قومية وناصرية من دول عربية مختلفة – من بينهم السياسي المصري حمدين صباحي – أثار موجة واسعة من الانتقادات والسخرية، حيث اعتبر كثيرون المشهد «سقوطًا جديدًا للفكر القومي في أحضان ميليشيا طائفية مدعومة من إيران”.
ردود رسمية
وفي أول رد رسمي يمني، اعتبر وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية الشرعية أن المؤتمر القومي العربي لم يعد سوى “فعالية هامشية تموّلها إيران وتستغلها أذرعها في المنطقة لتلميع مشاريعها الطائفية تحت شعارات زائفة مثل القومية والمقاومة”.
وقال الوزير إن المؤتمر فقد أي طابع رسمي أو سياسي معتبر، وتحول إلى «منصة لترديد الخطاب الإيراني الممجوج وتبرير جرائم المليشيات التابعة لطهران في المنطقة”.
وأضاف: “مشاركة زعيم مليشيا الحوثي الإرهابية، المدعو عبد الملك الحوثي، عبر كلمة احتفت بها وسائل إعلام المليشيا، تعكس مستوى الهشاشة والعزلة التي وصلت إليها الجماعة، ومحاولتها التسلق على أي منبر – مهما كان هامشيًا – لتسويق نفسها كفاعل سياسي، بعد أن أصبحت منبوذة داخليًا وخارجيًا ومصنفة دوليًا كجماعة إرهابية”.
وتابع الوزير أن “الاحتفاء الحوثي بهذا الظهور وتصويره كاختراق سياسي أو كسر للعزلة، لا يعدو كونه وهماً دعائيًا في عقول قيادات المليشيا، فالمؤتمر لم يضم أي جهة رسمية عربية أو شخصية فاعلة في المشهد الإقليمي، واقتصر على من يوصفون بـ(القوميين) الذين فقد خطابهم بريقه منذ عقود وارتبطت مواقفهم بالمحور الإيراني.”
ردود الفعل الناصرية: “انحراف خطير ومهزلة”
من جانبه، شنّ القيادي البارز في الحزب الناصري اليمني ووزير الخارجية الأسبق عبدالملك المخلافي هجومًا شديدًا على المؤتمر، واصفًا ما حدث بأنه |انحراف خطير ومهزلة كبرى”.
وقال المخلافي في منشور على صفحته في فيسبوك: “في خطوة تمثل مهزلة كبرى، سمح المؤتمر القومي العربي للمدعو عبد الملك الحوثي، زعيم المليشيا الحوثية السلالية والطائفية والانقلابية، بإلقاء كلمة أمام المؤتمر بذريعة دعم غزة، وهي ذريعة واهية لا تبرر هذا الانحراف الخطير عن مبادئ المؤتمر وأهدافه. فالرجل يمثل مشروعًا معاديًا لكل ما يؤمن به المؤتمر من قيم الوحدة والحرية والديمقراطية والعدالة.”
وأضاف المخلافي أن المؤتمر القومي العربي يعيش منذ عام 2015 حالة من التراجع والانقسام بعد تخليه عن موقفه القومي الجامع وميله لدعم مشاريع تمزيقية تخدم إيران، مشيرًا إلى أن هذا الانحراف أفقده أبرز عناصره ومفكريه وقادته التاريخيين في مختلف الأقطار العربية.
وتابع بالقول: “لقد تحوّل المؤتمر من منبر للوحدة والتنوير إلى منصة تُستخدم لخدمة أجندات طائفية ومشاريع إقليمية معادية للأمة. التعبير عن الموقف من فلسطين لا يمكن أن يكون غطاءً للارتماء في أحضان قوى لا ديمقراطية وطائفية.”
ووصف المخلافي ظهور الحوثي كمتحدث في المؤتمر بأنه “وصمة عار” على جبين المنتمين إليه، مشيرًا إلى أن الحوثي لا يمتلك شرعية في وطنه، وهو المسؤول عن مقتل عشرات الآلاف من اليمنيين وتدمير الدولة ومؤسساتها وتشريد الملايين ومصادرة الأموال والممتلكات واختطاف الصحفيين والناشطين.
واختتم بالقول إن المؤتمر اليوم “لم يبق منه سوى الاسم وبعض المتنفذين، بينما فقد مضمونه ومكانته التاريخية التي تأسس عليها قبل أكثر من ثلاثة عقود.”
انسحابات وبيانات احتجاج
بدوره، أعلن عبدالله سعيد الضالعي، عضو اللجنة المركزية للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وعضو المؤتمر القومي العربي سابقًا، انسحابه من المؤتمر بعد كلمة الحوثي، واصفًا ما جرى بأنه “مهزلة لا يمكن تبريرها”.
وقال الضالعي في منشور مطول على صفحته بفيسبوك: “القضية الفلسطينية هي قضية يجمع عليها كل اليمنيين بمختلف انتماءاتهم، لكن ما تقوم به العصابات الحوثية لا يمثل دعمًا للمقاومة بل استغلالًا للقضية لتلميع مشروع طائفي دموي. لا يمكن القبول بالصمت على جرائم هذه العصابات من اغتيالات ونسف للمنازل ودور العبادة وعمليات الإخفاء القسري والاعتقالات العشوائية بحق الرجال والنساء.”
وأضاف أن الحوثيين “وصلت بهم الوقاحة إلى إصدار أحكام إعدام غيابية بحق قيادات وطنية ومصادرة منازلهم، ومنع المواطنين من الاحتفال بثورة 26 سبتمبر واعتقال العشرات لمجرد رفع علم الجمهورية”، مؤكدًا أن “الحوثي يسعى لإعادة اليمن إلى الحكم الإمامي الملكي الذي أسقطته ثورة سبتمبر.”
مواقف ناشطين
الناشط الناصري عمار علي أحمد قال في تعليق لافت:”أنا إنسان لديّ قضية وثأر مع الحوثي، ولا أقبل أي مهادنة أو تهاون معه. موقفي من أي جهة يتحدد من موقفها من الحوثي، إما ضده أو معه. ولو كان جمال عبد الناصر نفسه هو من استمع لخطاب الحوثي في بيروت، للعنّا هذا المشهد.”
وأضاف أن قيادات التنظيم الناصري اليمني “جمّدت عضويتها منذ أعوام احتجاجًا على انحراف المؤتمر نحو طهران، لكن اليوم لم يعد التجميد كافيًا، بل المطلوب استقالة نهائية من كيان فقد هويته العربية.”
توكل كرمان: “المؤتمر ماركة مسجلة لإيران”
بدورها، علّقت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، بالقول: “المؤتمر القومي العربي أصبح ماركة مسجلة لإيران وميليشياتها، وهو إيراني الهوى والهوية تمويلًا وإدارة، وموقفه من طهران ومشروعها معلن وموثّق.”
وختمت كرمان بالقول إن “ما يجري لم يعد يعبر عن القومية العربية، بل عن اختطافها من قبل المشروع الإيراني الذي دمّر المنطقة باسم المقاومة والممانعة”.
The post الحوثي يخطب في بيروت… كيف تحوّل المؤتمر القومي العربي إلى منصة إيرانية؟ appeared first on يمن مونيتور.